Ngaji Fiqih Fathul Qorib 1 - Hukum Bersuci dan Macam Air
الكتاب: متن أبي
شجاع المسمى الغاية والتقريب
المؤلف: أحمد بن
الحسين بن أحمد، أبو شجاع، شهاب الدين أبو الطيب الأصفهاني (المتوفى: 593هـ)
(ومعه رسالة لطيفة جمعت فيها المسائل الضعيفة التي ألفها أبو مصطفى
البغدادي).
دراسة
استقرائية للمسائل الضعيفة في متن الغاية والتقريب.doc (feqhup.com)
(ومعه التذهيب في أدلة متن
الغاية والتقريب المشهور بـ متن أبي شجاع في الفقه الشافعي لمصطفى ديب البغا
الميداني الدمشقي الشافعي )
التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب المشهور بمتن أبي شجاع في الفقه الشافعي (archive.org)
مقدمة
بسم
الله الرحمنِ الرحيم
الحمد الله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وصحابته أجمعين.
قال القاضي أبو
شجاع أحمد بن الحسين بن أحمد الأصفهاني رحمة الله تعالى: سألني بعض الأصدقاء حفظهم
الله تعالى أن أعمل مختصرا[1]
في الفقه على مذهب الإمام الشافعي رحمة الله تعالى عليه ورضوانه في غاية الاختصار
ونهاية الإيجاز[2]
ليقرب على المتعلم درسه ويسهل على المبتدئ حفظه. وأن أكثر فيه من التقسيمات وحصر
الخصال[3]
فأجبته إلى ذلك طالبا للثواب راغبا إلى الله تعالى في التوفيق للصواب إنه على ما
يشاء قدير وبعباده لطيف خبير.
كتاب الطَّهارةِ
المياه التي يجوز
التطهير بها سبع مياه: ماء السماء, وماء
البحر, وماء النهر, وماء البئر, وماء العين, وماء الثلج, وماء البرد[4].
ثم المياه على أربعة أقسام: طاهر مطهر غير مكروه وهو الماء المطلق[5], وطاهر مطهر مكروه وهو الماء
المشمس[6], وطاهر غير مطهر وهو الماء
المستعمل[7] والمتغير بما خالطه من
الطاهرات[8], وماء نجس وهو الذي حلت فيه نجاسة وهو دون القلتين[9]
أو كان قلتين فتغير والقلتان: خمس مائة رطل بغدادي تقريبا في الأصح[10].
"فصل" وجلود الميتة تطهر بالدباغ[11]
إلا جلد الكلب والخنزير[12]
وما تولد منهما أو من أحدهما وعظم الميتة وشعرها نجس إلا الآدمي[13].
"فصل"
ولا يجوز استعمال أواني الذهب والفضة[14]
ويجوز استعمال غيرهما من الأواني[15].
"فصل" والسواك مستحب في كل حال[16] إلا بعد الزوال للصائم[17]
وهو في ثلاثة مواضع أشد استحبابا: عند تغير الفم من أزم وغيره[18]
وعند القيام من النوم[19]
وعند القيام إلى الصلاة[20].
"فصل" وفروض الوضوء ستة أشياء: النية عند غسل الوجه وغسل الوجه
وغسل اليدين مع المرفقين ومسح بعض الرأس وغسل. الرجلين إلى الكعبين والترتيب على
ما ذكرناه[21]
وسننه عشرة أشياء: التسمية[22]
وغسل الكفين قبل إدخالهما الإناء والمضمضة والاستنشاق ومسح جميع الرأس[23]
ومسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد[24]
وتخليل اللحية الكثة[25]
وتخليل أصابع اليدين والرجلين[26]
وتقديم اليمنى على اليسرى[27]
والطهارة ثلاثا ثلاثا[28]
والموالاة[29].
"فصل" والاستنجاء واجب من البول والغائط
والأفضل أن يستنجي بالأحجار ثم يتبعها بالماء ويجوز أن يقتصر على الماء أو على
ثلاثة أحجار ينقي بهن المحل فإذا أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل[30]
ويجتنب استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء[31]
ويجتنب البول والغائط في الماء الراكد[32]
وتحت الشجرة المثمرة وفي الطريق والظل[33]
والثقب[34]
ولا يتكلم على البول والغائط[35]
ولا يستقبل الشمس والقمر ولا يستدبرهما[36].[37]
"فصل" والذي ينقض الوضوء ستة أشياء:
ما خرج من السبيلين[38]
والنوم على غير هيئة المتمكن وزوال العقل بسكر أو مرض[39]
ولمس الرجل المرأة الأجنبية من غير حائل[40]
ومس فرج الآدمي بباطن الكف[41]
ومس حلقة دبره على الجديد[42].
"فصل" والذي يوجب الغسل ستة أشياء:
ثلاثة تشترك فيها
الرجال والنساء وهي التقاء الختانين[43]
وإنزال المني[44]
والموت[45]
وثلاثة تختص بها النساء وهي الحيض[46]
والنفاس[47]
والولادة[48].
"فصل" وفرائض الغسل ثلاثة أشياء:
النية[49]
وإزالة النجاسة إن كانت على بدنه[50]
وإيصال الماء إلى جميع الشعر والبشرة[51][52]
وسننه خمسة أشياء: التسمية[53]
والوضوء قبله[54]
وإمرار اليد على الجسد[55]
والموالاة[56]
وتقديم اليمنى على اليسرى[57].
"فصل" والاغتسالات المسنونة سبعة عشر غسلا: غسل الجمعة[58]
والعيدين[59]
والاستسقاء والخسوف والكسوف[60]
والغسل من غسل الميت[61]
والكافر إذا أسلم[62]
والمجنون والمغمى عليه إذا أفاقا[63]
والغسل عند الإحرام[64]
ولدخول مكة[65]
وللوقوف بعرفة[66]
وللمبيت بمزدلفة[67]
ولرمي الجمار الثلاث وللطواف[68]
وللسعي ولدخول مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم.
"فصل" والمسح على الخفين جائز[69] بثلاثة شرائط: أن يبتدئ لبسهما بعد كمال الطهارة[70]
وأن يكونا ساترين لمحل غسل الفرض من القدمين وأن يكونا مما يمكن تتابع المشي
عليهما ويمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن[71]
وابتداء المدة من حين يحدث بعد لبس الخفين فإن مسح في الحضر ثم سافر أو مسح في
السفر ثم أقام أتم مسح مقيم ويبطل المسح بثلاثة أشياء: بخلعهما وانقضاء المدة وما
يوجب الغسل[72].
"فصل" وشرائط التيمم خمسة أشياء:
وجود العذر بسفر أو مرض[73]
ودخول وقت الصلاة[74]
وطلب الماء وتعذر استعماله وإعوازه بعد الطلب والتراب الطاهر له غبار فإن خالطه جص
أو رمل لم يجز.
وفرائضه أربعة
أشياء: النية ومسح اليدين مع المرفقين والترتيب[75]
وسننه ثلاثة أشياء:
التسمية وتقديم اليمنى على اليسرى والموالاة[76],
والذي يبطل التيمم ثلاثة أشياء:
ما أبطل الوضوء ورؤية الماء في غير وقت الصلاة[77]
والردة وصاحب الجبائر يمسح عليها ويتمم ويصلي ولا إعادة عليه إن كان وضعها على طهر[78]
ويتيمم لكل فريضة[79]
ويصلي بتيمم واحد ما شاء من النوافل.
"فصل" وكل مائع خرج من السبيلين نجس[80] إلا المني[81]
وغسل جميع الأبوال والأرواث واجب[82]
إلا بول الصبي الذي لم يأكل الطعام فإنه يطهر برش الماء عليه[83]
ولا يعفى عن شيء من النجاسات إلا اليسير من الدم والقيح وما لا نفس له سائلة إذا
وقع في الإناء ومات فيه فإنه لا ينجسه[84]
والحيوان كله طاهر[85] إلا الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما[86]
والميتة كلها نجسة إلا
السمك والجراد والآدمي[87],
ويغسل الإناء من ولوغ الكلب والخنزير سبع مرات إحداهن بالتراب[88]
ويغسل من سائر النجاسات مرة تأتي عليه[89]
والثلاث أفضل وإذا تخللت الخمرة بنفسها طهرت[90]
وإن خللت بطرح شيء فيها لم تطهر[91].
"فصل" ويخرج من الفرج ثلاثة دماء دم
الحيض والنفاس والاستحاضة فالحيض هو الدم الخارج من فرج المرأة على سبيل الصحة من غير سبب الولادة[92]
ولونه أسود محتدم لذاع[93]
والنفاس هو الدم الخارج عقب
الولادة والاستحاضة هو الدم الخارج في غير أيام الحيض والنفاس[94]
وأقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما وغالبه ست أو سبع وأقل النفاس لحظه وأكثره ستون يوما وغالبه أربعون يوما وأقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر
يوما ولا حد لأكثره وأقل زمن تحيض فيه المرأة تسع سنين[95]
وأقل الحمل ستة أشهر وأكثره أربع سنين وغالبه تسعة أشهر[96],
ويحرم بالحيض والنفاس ثمانية أشياء:
الصلاة[97]
والصوم[98]
وقراءة القرآن[99]
ومس المصحف وحمله[100]
ودخول المسجد[101]
والطواف[102]
والوطء[103]
والاستمتاع بما بين السرة والركبة[104],
ويحرم على الجنب خمسة أشياء
الصلاة[105]
وقراءة القرآن ومس المصحف وحمله والطواف واللبث في المسجد[106],
ويحرم على المحدث ثلاثة أشياء
الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله[107].
[1] هو ما قل لفظه وكثر معناه
[2] الاختصار: أن يسلك
الطريق الأقرب للوصول الى الغرض، والايجاز قريب منه. قال في الصباح: وجُز اللفظ
وجازة، فهو وجيز، أي قصير سريع الوصول الى الفهم. والغاية والنهاية متقاربتان،
بمعنى: أقصى ما يمكن الوصول اليه
[3] جمع خصلة، والمراد
المسائل الفقهية المحتاج إليها
[4] ويمكن أن يقال اختصاراً: يتطهر بكل ماء نبع من الأرض أو نزل
من السماء. والأصل في جواز التطهر بهذه المياه: آيات، منها: قوله تعالى: "
وَيُنَزلُ عَلَئكُمُ مِنَ السَّماءِ مَاءّ لِيُطَهركُم بِهِ " / الأنفال:
11/.
وأحاديث، منها: ما
رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا
رسول الله، إنا نرْكبُ البحرَ، ونحمل معنا القليل من الماء، فإنْ تَوَضأنا به
عطشنا، أفَنَتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هُوَ
الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُه). رواه الخمسة، وقال الترمذي (69): هذا
حديث حسن صحيح.
[الحل
ميتته: أي يؤكل ما مات فيه - من سمك ونحوه - بدون ذبح شرعي]
[5] والأصل في طَهُوريَّة الماء المطلق: ما رواه البخارى (217) وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام
أعرابي فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقعوا به، فقال النبي صلى الله عليه
وسلم: (دَعُوهُ وهَريقوا عَلى بَوْلِهَ سَجْلاً مِن مَاء - أو: ذَنوبا مِنْ مَاءْ
- فَإتمَا بُعِثْتُمْ مُيسَرِينً وَلَمْ تُبعَثُوا مُعَسرِينَ).
[ليقعوا
به: ليزجروه بالقول أو الفعل. سجلا: دلواً ملأى بالماء، ومثله الذنوب].
[6] المسخن في إناء من معدن بحَر الشمس، وكراهته لما قيل: من أنه
يسبب مرض البرص أو يزيده. ولا يكون مكروهاً إلاَّ إذا استعمل في البدن وكان في قطر
حار كالحجاز.
[7] في رفع حدث، ودليل كونه طاهراً: ما رواه البخاري (191) ومسلم:
(1616) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
يعودُني وأنا مريض لا أعْقِلُ، فتوضأ وصب عَليَّ منْ وَضُوئِهِ.
[لا أعقلَ: أي في
حالة غيبوبة من شدة المرض. وضوئه: الماء الذي توضأ به] ولو كان غير طاهر لم يصبه
عليه.
ودليل كونه غير
مطهر: ما رواه مسلم (283) وغًيره: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: (لا يغْتَسِلْ أحَدُكُمْ في المَاءِ الدائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ).
فقالوا: يا أبا هريرة، كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولاً.
أفاد الحديث: أن
الاغتسال في الماء يخرجه عن طهوريته؛ وإلا لم ينه عنه؛ وهو محمول على الماء
القايل. وحكم الوضوء في هذا حكم الغسل، لأن المعنى فيهما واحد، وهو رفع الحدث.
[8] الأشياء الطاهرة التي يستغني عنها الماء عادة، والتي لا يمكن فصلها=عنه
بعد المخالطة، كالمسك والملح ونحوهما. وكونه غير مطهر لأنه أصبح لا يسمى ماء في
هذه الحالة.
[9] روى الخمسة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وهو يُسْأل عن الماء يكون بالفَلاة من الأرض، وما
يَنُوبُه من السباع والدواب؟ فقال: (إذا كَانَ المَاءُ قُلتَينِ لَمْ يَحْملِ
الخَبَثَ) وفي لفظ لأبي داود (65): (فإنه لا يَنْجُسُ). [بالفلاة: الصحراء ونحوها.
بنوبهْ: يرد عليه. السباع: كل ما له ناب يفترس به من الحيوانات]. ومفهوم الحديث:
أنه إذا كان أقل من قلتين ينجس ولو لم يتغير، ودل على هذا المفهوم: ما رواه مسلم
(278) عن أبى هريرة رضى الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا
استَيْقَظَ أحَدُكُم مِنْ نَومه فَلاَ يغْمِسْ يَدَهُ في الإنَاء حَتى يغسلَهَا
ثَلاثاً، فَإنهُ لا يَدرِيً أينَ بَاتَتْ يَدُهُ). فقد نهى المستيقظ من نومه عن
الغمس خشية تلوث يده بالنجاسة غير المرئية، ومعلوم أن النجاسة غيرَ المرئية لا
تغير الماء، فلولا أنها تنجسه بمجرد الملاقاة لم ينهه عن ذلك.
[10] أي ما يساوي مائة
وتسعين ليتراً تقريباً، أو سعة مكعب طول حرفه 58 سم.
[11] روى مسلم (366) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذَا دُبِغَ الإهَابُ فَقَدْ طَهرَ). [الإهاب:
الجلد، ودبغ: أزيلت فضوله ورطوبته التي يفسده بقاؤها، بحيث لو نقع في الماء بعد
ذلك لم يعد إليه النتن].
[12] لأنً كلاً منهما نجس حال الحياة، فلا يطهر جزؤه بعد الممات من
باب أولى
[13] لقوله تعالى: " حُرمتْ عَلَيكُمُ المَيْتَةُ " /
المائدة: 3/ " والميتة: كل حيوان زالت حياته بغير ذبح شرعي، فيدخل فيه: ما لا
يؤكل لحمه إذا ذبح كالحمار، وما يؤكل لحمه إذا لم تتوفر شروط ذبحه، كذبيحة المرتد،
وإن لم يكن فيه ضرر بالصحة. وعليه: فتحريم الميتة دليل نجاستها، لأن تحريم ما لا
ضرر فيه ولا حرمة له دليل نجاسته، ونجاستها تستتبع نجاسة أجزائها.
وأما الآدمي فلا
تنجس ميتته، وكذلك أجزاؤه، لقوله تعالى: " وَلَقَدْ كَرمنَا بَني آدَمَ
" / الإسراء: 70 /. وهذا يتنافى مع القول بنجاسته بعد موته، وحرم تناول لحمه
لحُرمته، أي كرامته.
[14] روى البخاري (5110) ومسلم (2067) عن حذيفةَ بن اليمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: (لاَ تَلْبَسُوا الحريرَ ولاَ الدَيبَاجَ، ولا تَشْرَبُوا في آنيةِ
الذهبِ وَالْفِضَّةِ، ولا تَأكُلُوا في صِحافِها، فَإنهَا لَهُمْ في الدُنْيَا
وَلَنَا في الآخِرَة) [الديباج: نوع نفيس من ثياب الحرير. آنية: جمع إناء. صحافهاَ
جمع صَحْفَة وهي القصعة. لهم: أي الكفار]. ويقاس على الأكل والشرب غيرهما من وجوه
الاستعمال، ويشمل التحريم الرجال والنساء.
[15] الطاهرة، لأن الأصل الإباحة ما لم يرد دليل التحريم.
[16] روى النسائي (1/ 10)
وغيره: عن عائشة رضى الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السوَاكُ
مطَهَرَةٌ لِلفَمِ، مَرْضَاة للرب). ورواه البخاري تعليقاً. والسواك: الآلة التي
تدلك بها الأسنان، ويطلق على الفعل، وتحصل السنة باستعمال كل خشن يزيل الوسخ، وعود
الأراك المعروف بالسواك أفضل.
[17] لما رواه البخاري
(1795) ومسلم (1151) عن أبى هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(لخُلُوفُ فَمِ الصائم أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المسْك). والخلوف تغير
رائحة الفم، ولا يحصل غالباً للصائم إلا بعد الزوالَ، وَاستعمال السمواك يذهبه،
ولذلك كره.
[18] الأزم: السكوت
الطويل، أو ترك الأكل والشرب. وغيره: كتعاطي ذي رائحة كريهة.
[19] روى البخاري (242) ومسلم (255) وغير هما، عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه
وسلم إذا قام من الليل يَشُوصُ فاه بالسواك [يشوص: يَدْلِكُ]. وروى أبو داود (57)
وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يَرْقُدُ، من
ليل ولا نهار، فيستيقظ إلا تَسَوَكَ قبل أن يتوضأ
[20] وكذلك عند الوضوء، لما رواه البخاري (847) ومسلم (252)
وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَولا أنْ
أشُق عَلى أمتي لأمَرْتُهُمْ بِالسوَاك عنْدَ كُل صَلاة). وفي رواية لأحمد (6/
325): (لأمَرتُهمْ بالسوًاكَ معً كُل وُضُوء). أي لأمرتهم أمرَ إيجاب، وهذا دليل
الاستحباب المؤكد.
[21] الأصل فيَ مشروعية الوضوء وبيان فروضه: قوله تعالى: "
يَا أيهَا الَذينَ آمَنوا إذَا قُمتُمْ إلى الصلاة فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ
وأيْدِيَكُم إلى الَمَرَافِقِ وامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ واَرجُلَكُمْ إلى
الكَعبَينِ " / المائدة: 6 /.
[المرافق: جمع
مرفق، وهو مجتمع الساعد مع العضد. الكعبين: مثنى كعب، وهما العظمان الناتئان من
الجانبين، عند مفصل الساق مع القدم. وإلى في الموضعين بمعنى مع، فيدخل المرفقان
والكعبان في وجوب الغسل، ودل على ذلك: ما رواه مسلم (246) عن أبي هريرة رضي الله
عنه: أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوُضُوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشْرَعَ في العَضُد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم
غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم
قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ. أشرع في العضد وأشرع في
الساق: معناه أدخل الغسل فيهما. برؤوسكم: أي بجزء منها، دل على ذلك: ما رواه مسلم
(274) وغيره عن المغيرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح
بناصِيَتِه وعلى العمامة. والناصية مقدم الرأس، وفي جزء منه، والاكتفاء بالمسح
عليها دليل على أن مسح الجزء هو المفروض، ويحصل بأي جزء كان. ودل على فرضية النية
أوَّلَه - وكذلك في كل موطن تطلب فيه النية - ما رواه البخاري (1) ومسلم (1907) من
حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:
(إنّمَا الأعْمالُ بِالنياتِ). أي: لا يعتد بها شرعاً إلا إذا نويت.
ودل على فرضية الترتيب - كما ذُكِر -
فعلُ النبي صلى الله عليه وسلم، الثابت بالأحاديث الصحيحة، منها حديث أبي هريرة
رضي الله عنه السابق.
قال في المجموع: واحتج
الأصحاب من السنة بالأحاديث الصحيحة، المستفيضة عن جماعات من الصحابة، في صفة
وُضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وكلهم وصفوه مرتباً، مع كثرتهم وكثرة المواطن
التي رأوه فيها، وكثرة اختلافهم في صفاته في مرة ومرتين وثلاث وغير ذلك، ولم يثبت
فيه - مع اختلاف أنواعه - صفة غير مرتبة، فعله صلى الله عليه وسلم بيان للوضوء
المأمور به، ولو جاز ترك الترتيب لتركه في بعض الأحوال لبيان الجواز، كما ترك
التكرار في أوقات. (1/ 484).
[22] روى النسائي (1/ 61) بإسناد جيد، عن أنس رضي الله عنه قال:
طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وَضوءاً فلم يجدوا ماءَ، فقال صلى الله
عليه وسلم: (هَلْ معً أحَد مِنكمْ مَاء). فَأتيَ بماء، فوضع يده في الإناء الذي
فيه الماء، ثم قال: (تَوَضؤُا بِسمِ اللهِ) أي قائلين ذلك، فرأيت الماء يفور من
بين أصابعه، حنى توضأ نحو سبعين رجلاً.
[23] دليل هذه السنن الأربع: ما رواه البخاري (183) ومسلم (235) من
حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه، وقد سئل عن وُضوء النبي صلى الله عليه وسلم،
فدعا بِتَوْر من ماء، فتوضأ لهم وُضوء النبي صلى الله عليه وسلم: فأكفَأ على يده
من التور، فغسل يديه ثلاثاً، ثم أدخل يده في التور، فمضمض واستنشق واستنثر بثلاث
غَرَفات، ثم أدخل يده فغسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يديه مرتين إلى المِرفقين، ثم أدخل
يده فمسح رأسه، فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه إلى الكعبين. [التور:
إناء كان معروفاً لديهم. فأكفأ: أسال وصب].
[24] روى الترمذي وصححه (36) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي
صلى الله عليه وسلم مسح برأسه، وأذنيه ظاهرهما وباطنهما. وللنسائي (1/ 74): مسح
برأسه وأذنيه، باطنهما بالسباحَتيْنِ، وظاهرهما بإبهاميه.
وروى
الحاكم (1/ 151) من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه، في صفة وُضُوئه صلى الله
عليه وسلم أنه توضأ، فمسح أذنيه بماء غير الماء الذي مسح به الرأس. قال الحافظ
الذهبي: صحيح.
[25] روى أبو داود (145) عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء، فأدخله تحت حَنَكِهِ، فخَللَ به لحيته،
وقال: (هكذَا أمرَني رَبى عز وَجَل).
[26] عن لَقِيط بن صَبرَةَ رضي الله عنه قال: قلت يا رسولْ الله،
أخبرني عن الوضوء؟ قال: (أسبِغِ الوضُوءَ، وخَلِّلْ بيْن الأصَابع، وَباَلِغْ في
الاستنثسَاق إلاّ أنْ تكُونَ صَائِماً). رواه أَبو داود (142) وصحه الترمذيَ (38)
وغيرهما.
[أسبغ:
أتمه وأكمله بأركانه وسننه].
[27] روى البخاري (140) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه توضأ ...
وفيه: ثم أخذ غُرْفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده
اليسرى، ثم مسح رأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش بها على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم
أخذ غرفة من ماء فغسل بها رجله اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يتوضأ. وانظر حاشية 2 ص 13.
[28] روى مسلم (230): أن عثمان رضي الله عنه قال: ألا أريكم
وُضُوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم تَوَضأ ثلاثاً ثلاثاً.
[29] أي التتابع في
التطهير بين الأعضاء، بحيث لا يجف الأول قبل الشروع في الثاني عادة. ودليلها
الاتباع المعلوم من الأحاديث السابقة.
تنبيه: كل ما ورد في السن من أدلة ظاهرها الوجوب، دل على عدم الوجوب فيها
آية الوضوء التي نصت على الفرائض، وأدلة أخرى غيرها، لم نذكرها خشية التطويل.
فائدة: يستحب أن يقول بعد الوضوء: (أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وحدَه
لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه. اللهم اجْعَلْني من التَّوّابينَ
واجْعلْني مِنَ المتَطَهرِينَ. سُبْحَانَك اللهُم وَبحَمْدكً، أشْهدُ أن لا إلهَ
إلا أنْتَ، أستَغفركَ وَأتُوبُ إليكَ).
ورد
مجموع هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في
أحاديث، رواها مسلم (423) والترمذي (55) والنسائي في أعمال اليوم والليلة.
[30] روى البخاري (149) ومسلم (271): عن أنس بن مالك رضي الله عنه
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلمِ يدخلِ الخلاءَ، فأحْمِلُ. أنا وغلامُ
نحْوِي، إداوة من ماء وعنزةً، فَيسَتنْجي بالماء. [الخلاء: مكان قضاء الحاجة.
إداوة: إناء صغير من جلد. عنزة: الحربة القصيرة، تركز ليصلى إليها كسترة. يستنجي:
يتخلص من أثر النجس]. وروى البخاري (155) وغيره: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:
أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائطَ، فأمرني أن آتيهُ بثلاثة أحجار. [الغائط:
المكان المنخفض من الأرض تقضى فيه الحاجة، ويطلق على ما يخرج من الدبر].
وروى أبو داود (40)
وغيره: عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا
ذَهَبَ أحدُكمْ إلى الغائطِ = -
فلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلاثَةِ أحجارٍ، يَسْتطِيبُ بِهِن، فَإنّهَا تُجْزِىءُ
عَنهُ). [يستطيب: يستنتجي، سمي بذلك لأن المستنتجي تطيب نفسه بإزالة الخبث عنَ
المخْرَج، ويجزىء كل جاف طاهر كالورق ونحوه] وروى أبو داود (44) والترمذي (3099)
وابن ماجه (357): عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(نزلت هذه الآية في أهل قُباء: " فِيهِ رِجَال يُحبّونَ أنْ يَتَطَهَّرُوا
وَاللهُ يُحبّ المُطهَرِينَ " / التوبة: 108/. قال: كانوا يَسْتَنْجُونَ
بالماءِ، فنزلَت فيهم هذه الآية).
[31] روى البخاري (386)
ومسلم (264): عن أبي أيّوبَ الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (إذَا أتَيْتُمُ الْغَائطَ فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقبْلَةَ وَلا
تَسْتَدْبِرُوهَا، ولَكِنْ شَرِّقُوا أوْ غًرِّبُوا). وخص ذلك بَالصحراء وما في
معناها من الأمكنة التي لا ساتر فيها، ودليل التخصيص: ما روى البخاري (148) ومسلم
(266) وغيرهما: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بيت
حَفْصَةَ لبعضِ حاجتي، فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقضي حاجتَه مُسْتَدْبِر
القِبْلة مُسْتَقْبِلَ الشّام.
فحمل الأول على المكان غيرَ المعد
لقضاء الحاجة وما في معناه من الأماكن التي لا ساتر فيها، وحمل الثاني على المكان
المعد وما في معناه، جمعاً بين الأدلة، ولا يخلو الأمر عن كراهة في غير المعد مع
وجود الساتر.
[32] روى مسلم (281) وغيره: عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى
الله عليه وسلم: أنه نهى أنْ يُبَالَ في الماء الراكِد. والتّغَوُّطُ =أقبح وأولى
بالنهي، والنهي للكراهة، ونقل عن النووي أنه للتحريم.
[انظر شرح مسلم: 3/ 187].
[33] روى مسلم (269) وغيره: عن أيى هريرة رضي الله عنه: أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (اتّقُوا اللَّعَانَيْنِ. قالوا وما اللعانانِ يا رسولَ
الله؟ قال: (الذي يَتخلَّى في طَرِيقِ الناسِ أوْ في ظِلِّهِمْ). [اللعانين:
الأمرين الجالبين للعْن].
[34] روى أبو داود (29) وغَيره: عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه
قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُبَالَ في الجُحْر. وهو الثقب في
الأرض.
[35] روى مسلم (370) وغيره: عن ابن عمر رضي الله عنه: أن رجلاً
مرَّ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَبُولُ، فسلم عليه، فلم يَرُدَّ عليه. وروى
أبو داود (15) وغيره، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه
وسلم يقول: (لا يخْرُجِ الرَّجُلان يَضْرِبَان الغَائطَ، كَاشِفَيْنِ عَنْ
عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدثَان، فَإنَ اللهَ عَز وَجَلَ يمْقُتُ عَلى ذَلِكَ). [يضربان:
يأتيان. يمقت: يغضب].
[36] كراهة
الاستقبال معتمدة وكراهة الاستدبار ضعيفة . قال العلامـة ال جوري: قولـه ) ولا يـستدبرهما ( ضـعيف فالمعتمد
عدم كراهة الاستدبار.اهـ ج .١ص .٨٤ طـ
بولاق
[37] ذكر النووي في
المجموع (1/ 103) أن الحديث المستأنس به في هذا ضعيف، بل هو باطل، وأن الصحيح
المشهور أنه يكره الاستقبال دون الاستدبار. قال الخطيب في الإقناع (1/ 46): وهذا
هو المعتمد.
فائدة: يستحب لقاضي الحاجة أن يقول الأذكار والأدعية، التي ثبتت عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، قبل دخول الخلاء وبعد الخروج منه: فيقول قبل الدخول:
(بِاسْمِ اللهِ، اللهُم إنّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبائثِ).
[الخبث: َ جمع
خبيث، والخبائث: جمع خبيثة، والمراد ذكور الشياطين وإناثهم].
البخاري (142)
ومسلم (375) والترمذي (606).
وبعد الخروج يقول:
(غفْرَانَكَ، الحمدُ لله الّذي أذْهَبَ عَنّي الأذَى وَعَافَاني، الحمد لله الّذِي
أذَاقَنيَ لَذتًهُ وَأبْقَى فيَّ قُوَّتَهُ وَدَفَعَ عَنَّي أذَاهُ).
أبو
داود (30) والترمذي (7) وابن ماجه (301) والطبراني.
[38] قال تعالى: " أو جَاءَ أحَد مِنْكُم مِنَ الغَائِطِ
" / المائدة:6 /.
أي من مكان قضاء
الحاجة، وقد قضى حاجته.
وروى البخاري (135)
ومسلم (225): عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا يَقبلُ اللهُ صَلاةَ أحَدِكُم إذَا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأ). فقال رجل من
أهل حضرموت: ما الحدثُ يا أبا هريرةَ؟ قال: فُسَاءُ أوْ ضُرَاطُ.
وقيس
على ما ذكر كل خارج من القبل أو الدبر، ولو كان طاهراً.
[39] روى أبو دارد (203)
وغيره: عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وكَاءُ السَّه العَيْنَانِ، فَمَنْ
نَامَ فَلْيَتوَضَّأْ). [وكاء: هو الخيط الذي يربط به الكيس وغيره. السه: الدبر.
والمعنى: أن اليقظة تحفظ ما في داخل
الإنسان من الخروج لأنه يحس بذلك، فإذا نام كان نومه مظنة لخروج شيء منه].
والمتمكن: هو الذي ينام وقد وضع أليتيه
على الأرض، بحيث لا يقع لو لم يكن مستنداً إلى شيء، ولا ينتقض وضوؤه لأنه يحس بما
يخرج منه. وقيس زوال العقل على النوم لأنه أبلغ منه في معناه.
[40] لقوله تعالى في آية الوضوء: " أوْ لامَسْتُمْ
النسَاءَ". أي لمستم، كما في قراءة.
[41] روى الخمسة وصححه الترمذي (82): عن بسرة بنت صفوان رضي الله
عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ مسَ ذَكَرَهُ فَلا يُصلَي حتى
يَتَوَضَّأ). وفي رواية للنسائي (1/ 100): (وَيتَوَضأ مِنْ مَس الذكَرِ). فيشمل
ذكر نفسه وذكر غيره. وعند ابن ماجه (481) عن أم حبيبة رضي الله عنها: (مَنْ مس
فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضأ). فيشمل الذكر والأنثى، كما يشمل القبل والدبر.
[42] المذهب الجديد ما قاله الشافعي رحمه الله تعالى في مصر،
تصنيفاً أو إفتاءً، وهو المعمول به دائماً، إلا في مسائل رجحها أئمة المذهب من
القديم، ونصوا عليها.
[43] مثنى ختان، وهو موضع الخَتْن، وهو عند الصبي: الجلدة التي
تغطي رأس اَلذكر قبل الختن، وعند الأنثى: جلدة في أعلى القبل مجاورة لمخرج البول،
والمراد بالتقاء الختانين تحاذيهما، ويكون ذلك بدخول الحشفة في الفرج، وهو كناية
عن الجماع. روى البخاري (287) ومسلم (348) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن. النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا جَلَسَ بَينَ شُعَبِهَا الأرْبعَ ثُم جَهَدهَا
فَقَدْ وَجَبَ عَلَيه الغُسلُ) وفي رواية لمسلم: (وإنْ لَمْ يُنزِل). [شعبها: جمع
شُعْبة، وهي القطعة من الشيء، والمراد هنا: فخذا المرأة وساقاها. جهدها: كدها
بحركته، وهو كناية عن معالجة إدخال ذكره في فرجها]. والحديث دليل على وجوب الغسل
بمجرد الجماع وإن لم ينزل، كما صرحت به رواية مسلم.
[44] روى البخاري (278) ومسلم (313) عن أم سلمة رضي الله عنها
قالت: جاءت أم سُلَيْم: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن
الله لايَسْتَحيْي من الحق، فهل على المرأةِ من غُسْل إذا هي احْتَلَمَتْ؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نَعَمْ، إذا رَأت المَاءَ). أي المني، أو ما يخرج
من المرأة حال الجماع. [احَتلمت: رأت في نومها أنهاُ تجامع]. وروى أبو داود (236)
وغيره: عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل
يَجِدُ البَلَلَ ولا يذكرُ احتلاماً؟ فقال: (يغْتَسِلُ). وعن الرجل يرى أنْ قد
احتلم ولا يجد البلل؟ فقال: (لا غُسْلَ عَلَيْه). فقالت أم سُلَيْمٍ: المرأة ترى
ذلك، أعليها غُسْلٌ؟ قال: (نَعَمَ، النَّسَاءُ شَقَائِقُ الرَّجَال). أي: نظائرهم
في الخلق والطبع، فكأنهن شُقِقْنَ من الرَجال.
[45] روى البخاري (1195) ومسلم (939) عن أم عَطيَّةَ الأنصارية رضي
الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسَلم حين تُوُفَّيَت ابنتُهُ فقال:
(اغْسِلْنَهَا ثَلاثا ... ). وروى البخاري (1208) ومسلم (1206) عن ابن عباس
رضي الله عنهما: أن رجلا وَقَصَهُ بعيرُه، ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو
مُحْرمُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اغْسِلُوهُ بماء وسِدْر، وَكَفَنُوهُ في
ثوْبَيْنِ ... ) [وقصه: رماه وداس عنقه].
[46] قال
الله تعالى: "فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ في المَحِيض وَلاَ تَقْرَبُوهُن حَتّى
يَطهُرْنَ فَإذا تَطَهَرْنَ فأتُوهُنَّ مِن حَيْثُ أمَرَكُمْ اللهُ إن اللهَ
يحُبُّ التَّّوَّابينَ وَيحُبُّ المُتطَهرِين "/ البقرة: 222/. [تطهرنَ:
اغتسلَن]. وروى البخاري (314) عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال لفاطمةَ بنت أبى حُبَيْش رضي الله عنها: (فَإذَا أقْبَلَتِ الحَيْضَةُ
فَدَعي الصَلاةَ، وَإذا أدْبَرَتْ فَاغْتَسِلى وَصَليِّ).
[47] قياساً على الحيض، لأن دم النفاس دم حيض متجمع
[48] لأن الولد الخارج منعقد من مني، والغالب أن يخرج معه دم.
[49] لحديث: (إنما الأعمال
بالنيات). انظر ص 14 حاشية.
[50] لما رواه البخاري
(246) عن ميمونة رضي الله عنها في غسله صلى الله عليه وسلم: وغسل فرجه وما أصابه
من أذى. أي نجاسة وقذر. وصحح
النووي في كتبه: أنه يكفي في إزالتها
غسلة رفع الحدث، وهو المعتمد، فتكون إزالة القذر قبل إفاضة الماء سنة. الإقناع.
[51] روى البخاري (245) ومسلم (316) عن عائشة رضي الله عنها: أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة، بدأ فغسل يديه، ثم يتوضأ كما
يتوضأ للصلاة، ثم يُدْخِلُ أصابعه في الماء فَيُخَلِّلُ بها أصولَ شَعَرِه، ثم
يَصُبُّ على رأسه ثلاثَ غُرَف بيديه، ثم يُفِيضُ الماءَ على جلْده كلِّه. وروىَ
أبوَ داود (249) وغيره: عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: (مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شعَرَة مِن جَنَابة، لَمْ يصِبهَا الماءُ،
فَعَلَ اللهُ بِهِ كَذا وكَذا مِنَ النارِ). قال علي: فمن ثَمَّ عَادَ يْتُ
شَعَرِي. وكان يَجُزُّ شعره رضي الله عنه. أي يحلقه.
[52] قال العلامة الباجوري: قوله ) ثلاثة أشياء ( أي عـلى طريقـة الرافعي مـن
أن إزالـة النجاسـة مـن فـرائض الغـسل وهـي مرجوحة وإن جرى عليها المصنف،
وأما على طريقة النـووي من
أن إزالة النجاسة ليست من فرائضه فشيئان فقط. اهـ ج١ ٩٧ ص
[53] لحديث: (كُل أمْر ذي بَال لا يُبْدَأ فِيهِ ببسِمِْ اللهِ
الرحمن الرحيمِ، فهُو أقطعُ). [كشفً الخفاء: 1964].
[ذي
بال: له شأن يهم به شرعا. أقطع: ناقص وقليل البركة].
[54] لحديث عائشة رضي الله عنها السابق حاشية (2).
[55] خروجاً من خلاف من
أوجبه وهم المالكية.
[56] كما مر في الوضوء (حا
5 ص 16) لوجوبها عند المالكية.
[57] أي الجهة اليمنى من
جسده ظهراً وبطناً، لما رواه البخاري (166) ومسلم (268) عن عائشة رضي الله عنها
قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعْجِبُهُ التيمن في تَنَعله وَترَجُّله
وَطُهُوره، وفي شأنِهَ كله. [تنعله: لبسه النعل. ترجله: تسريح شعر رأسه. طُهوره:
وضوئه وغسله].
[58] روى البخاري (837) ومسلم (844) وغيرهما، عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا جَاءَ أحَدُكُمْ إلى
الجُمُعَةِ فلْيَغتَسِلْ) ولمسلم (أرادَ أحَدُكُمْ أنْ يأتِيَ). وصرفه عن الوجوب
خبر الترمذي (497): (مَنْ تَوضأ يَوْمَ الجمعة فبها ونِعْمَتْ، ومن اغتسلَ فالغسلُ
أفْضَلُ). [فبها ونعمت: أي فبالسنة أخذ وعمل: ونعمت السنة].
[59] روى مالك في الموطأ (1/ 117) أن عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما كان يغتسل يومَ الْفِطْرِ، قبل أن يَغْدُوَ إلى المصَلى. وقيس بيوم الفطر
يوم الأضحى.
[60] لم أجد دليلاً نقلياً لاستحباب هذه الأغسال الثلاثة، ولعل
العلماء قالوا باستحبابها قياساً على الجمعة والعيدين، لأنها في معناها من حيث
مشروعية الجماعة فيها، واجتماع الناس لها.
[61] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(مَنْ غَسلَ مَيْتاً فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأ) رواه الخمسة
وحسنه الترمذي (993) وصرفه عن الرجوب خبر الحاكم (1/ 386): (لَيْس عَلَيْكُمْ في
غُسلِ مَيًتكُمْ غُسْلٌ إذَاغَسلْتُموه).
[62] روى أبو داود (355) والترمذي (605) عن قيس بن عاصم رضي الله
عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسلَ بماء وسدْر.
وهو ورق مطحون من شجر معين. قال الترمذي بعَد روايته الحديث: والعمل عليه عند أهل
العلم، يستحبون للرجل إذا أسلم أن يغتسل ويغسل ثيابه. ولم يجب الغسل لعدم أمره صلى
الله عليه وسلم كل من أسلم به.
[63] لما رواه البخاري
(655) ومسلم (418) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ثقل رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: ضعوا لي ماء
في المخضب قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب ليَنُوءَ فأغْميَ عليه، ثم أفَاقَ فقال: أصلى
الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال ضعوا لي ماء في المخضب. قالت:
ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق ... ). [ثقل: اشتد
مرضه. المخضب: وعاء كان تغسل فيه الثياب. لينوء: لينتهض بجهد ومشقة]. وقيس
بالإغماء الجنون لأنه في معناه، بل هو أولى.
[64] روى الترمذي (830) عن
زيد بن ثابت رضي الله عنه: أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل.
[لإهلاله: لإحرامه،
والإهلال: رفع الصوت بالتلبية عند الإحرام]
[65] روى البخاري (1478) ومسلم (1259) واللفظ له، عن ابن عمر رضي
الله عنهما: أنه كان لا يَقْدمُ مكة إلا بات بذي طُوى حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل
مكة نهاراً، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله.
[66] روى مالك في الموطأ (1/ 322) عن ابن عمر رضي الله عنهما: كان
يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم، ولدخول مكة، ولوقوفه عشية عرفة.
[67] القول باستحباب الغسل للمبيت في مزدلفة
ضعيف. قـال
العلامـة البـاجوري: قولـه ) وللمبيـت بمزدلفـة( أي والغسل
للمبيت بمزدلفة على رأي مرجوح، والراجح أنـه لا يسن الغسل
للمبيت بمزدلفة لقربه من غـسل عرفـة وهكـذا كل غسلين تقاربا .( أهـ ج .١ص
.١٠- الأصح لا يستحب. نهاية.
[68] هذا ضعيف . قال
العلامة الباجوري: قوله ) والغـسل للطـواف( أي عـلى قول مرجوح
والراجح أنه لا يسن الغسل له لأن وقته موسع فلا يلزم اجتماع الناس لفعله في
وقـت واحـد المقتـضي ذلـك لطلب
الغسل. اهـ ج .١ص .١ - المعتمد أنه لا يسن الغسل للطواف.
الإقناع.
[69] ودليل جوازه أحاديث كثيرة، منها: ما روى البخاري (380) ومسلم
(272) واللفظ له، عن جربر رضي الله عنه: أنه بال ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له:
تفعل هذا؟ فقال: نعم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال، ثم ثوضأ، ومسح على
خفيه. قال الحسن البصري: روى المسح سبعون نفساً، فعلا منه وقولا.
[70] روى البخاري (203) ومسلم (274) عن المغيرة بن شعبة رضي الله
عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في مسير، فأفرغت عليه من
الإداوة، فغسل وجهه، وغسل ذراعيه، ومسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال:
(دَعْهُما، فإنَي أدْخَلْتُهُما طَاهَرَتَيْنِ) فمسح عليهما.
[71] روى مسلم (276) وغيره
عن شريح بن هانئ قال: أتيت عائشة رضي الله عنها أسألها عن المسح على الخفين،
فقالت: ائت علياً، فإنه أعلم بهذا مني، كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فسألته فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة أيام ولياليَهن
للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم.
[72] روى الترمذي (96) والنسائي (1/ 83) واللفظ له، عن صفوان بن
عسال رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين:
أن نمسح على خفَافِنا ولا نَنْزِعَها ثلاثةَ أيام، من غائط وبوْل ونَوْم، إلاّ من
جَنابًة.
[73] قال تعالى: "وَإنْ كنتم مَرضى أوْ عَلى سَفَرٍ أوْ جَاءَ
أحَد مِنْكُمْ مِنَ الْغَائطِ أوْ لامَسْتُمُ النسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاء
فتيمموا " / المائدة: 6/. وروى البخاري (341) ومسلم (682) عن عمران بن حصين
رضي== الله عنهما قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فصلى بالناس،
فإذا هو برجل معتزل، فقال: (مَا مَنَعَكَ أنْ تُصَلًيَ). قال: أصابتني جَنابَةٌ
ولا ماءَ. قال: (عَلَيْكَ بالصَعِيدِ فَإنهُ يكفيكَ). [الصعيد: ما صعد على وجه
الأرض من التراب].
[74] روى البخاري (328) عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: (وَجُعلتْ لِيَ الأرضُ مَسْجداً وَطَهُوراً، فأيُّمَا رَجُل مِنْ أمتى
أدْركًتْهُ الصلاةُ فَلْيُصَل). وعند أحمد: (2/ 222)) أينَمَا أدرَكَتني الصَلاةُ
تَمسَحْتُ وصَليتُ). فدلت الروايتان على: أنه يتيمم ويصلى إذا لم يجد الماء، بعد
دخول وقت الصلاة.
[75] لقوله تعالى: "
فَتَيَمموا صَعِيداً طَيَباً فَامْسحُوا بِوُجُوهكُم وَأيْديكُمْ منْهُ " /
المائدة: 6/.
[فتيَمموا: فاَقصدوا، وهو
دليل فرضية النية، مع حديث: (إنما الأعمال بالنيات). طيباً: طاهراً].
[76] اعتباراً بالوضوء لأنه بدله. وانظر: حاشية (5) ص (16).
[77] أي في غير حال الصلاة، وقبل الدخول فيها. روى الترمذي (124)
وغيره، عن أيى ذر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن
الصَعِيدَ الطَيبَ طَهُور المُسْلِمِ وَإن لم يَجِد المَاءَ عَشْر سنِينَ، فَإذَا
وَجَدَ المَاءَ فَلْيُمِسهُ بشَرَتهُ، فَإن ذَلِك خَير). [فليمسه بشرته: فليتوضأ،
وهذا دليل على أن تيممه قد بطل].
[78] روى أبو دارد (336)
وغيره، عن جابر رضي الله عنه قال: خَرجْنا في سَفَر، فأصاب رجلا منا حجر فَشَجتهُ
في رأسه، ثم احْتلمَ فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخْصَةَ في التيمم؟ فقالوا: ما نجد
لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله
عليه وسلم أخبر بذلك، فقال: (قَتلُوهُ قتلهم الله، ألا سألُوا إذْ لَمِْ يعلموا؟
فَإنما شِفَاءُ العِيِّ السؤالُ، إنّمَا كَانَ يكفيه أنْ يتًيَمَّم ويَعْصِرَ -
أوْ يَعْصِبَ- جرْحَهُ، ثم يمسح عَلَيه، وَيغسلَ سَائِرَ جَسَدِهِ). [العي: التحير
في الكلام، وقيل: هو ضد البيان].
[79] روى البيهقي بإسناد صحيح (1/ 221) عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال: يَتَيمّمُ لكل صلاة وإن لم يحدِثْ.
[80] روى البخاري (214) عن
أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تبرز لحاجته أتيته بماء
فيغسلُ به.
[تبرز لحاجته: خرج إلى البَراز، وهو
الفضاًء، ليقضي حاجته من بول أو غائط. فيغسل به: أثر الخارج من القبل أو الدبر] وروى
البخاري (176) ومسلم (303) عن علي رضي الله عنه قال: كنت رجلا مذاَءً،
فاسْتَحْيَيْتُ أنْ أسْألَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأمرت المقدادَ بن َ
الأسْوَدِ فسأله، فقال: (فيه الْوُضُوءُ). ولمسلم: (يَغْسِلُ ذَكَرَهُ
وَيَتَوَضأ). [مذاء: كثير خروج المذي، وهو ماء أصفر رقيق يخرج من الذكر غالباً عند
ثوران الشهوة]. وروى البخاري (155) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أتى
النبي صلى الله عليه وسلم الغائطَ، فأمَرَني أنْ آتِيَهُ بثَلاثَة أحجار، فوجدتُ
حجرين والتمسْتُ الثالثَ فلم أجِدهُ، فأخذت رَوْثًة فَأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى
الروثة وقال: (هذا رِكْس). [الركس النجس، والروثة براز مأكول اللحم].
فدلت هذه الأحاديث على نجاسة الأشياء المذكورة، لغسله - صلى الله عليه وسلم - لها أو
الأمر بغسلها أو التصريح بنجاستها، وقيس ما لم يذكر فيها، مما يخرج من السبيلين،
على ما ذكر.
[81] من الإنسان وجميع الحيوانات ما عدا الكلب والخنزير.
أما مني الإنسان: فلما رواه مسلم (288)
وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: قالت: كنت أفْرُكُ المَنِى من ثَوب رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ثم يذهب فيصلى فيه. ولوكان نجساً لم يكَف فيه الفرك.
وأما سني غير الاَدمي: فلأنه أصل حيوان
طاهر، فأشبه مني الآدمى. وأما الكلب والخنزير فلنجاسة عينهما.
[82] لما رواه البخاري
ومسلم وغيرهما من أمره صلى الله عليه وسلم بصب دلو من ماء، على المكان الذي بال
عليه الأعرابي في المسجد. (انظر: ص 8 حاشية 2). وانظر حاشية اص31.
[83] روى
البخاري (221) ومسلم (227) وغيرهما، عن أم قيس بنت محصن رضي الله عنها: أنها أتت
بابن لها صغير لم يأكل الطعام، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه صلي الله
عليه وسلم في حِجْرِه، فباك على ثوبه، فدعا بماء، فَنَضَحَهُ وَلَم يَغسلهُ. [فنضحه:
رشه بحيث عم المحل بالماء وغمره بدون سيلان].
[84] روى البخاري (5445)
وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا
وَقعً الذبَاب في إنَاء أحَدكُمْ فَلْيَغْمسْهُ كلهُ، ثم ليَطْرَحْهُ، فإن في
أحَدِ جَنَآحَيْهِ شفَاء وَفي الَآخَرِ داءً).
ووجه الاستدلال: أنه لو كان ينجسه لم يأمر بغمسه. وقيس بالذباب كل ما في معناه من
كل ميتة لا يسيل دمها.
[85] أي جميع الحيوانات طاهرة العين حال الحياة.
[86] لأن كلا منهما نجس العين، قال تعالى: " أوَْ لحمَ
خنْزِيرَ فإنَّهُ رِجْس " / الأنعام: 145/. ولحديث الأمر بالتطهير من ولوغَ
الكلب بالآتي.
[87] أي جميع الميتات نجسة
إلا ما استثني. انظر: ص 11 حاشية 4. وطهارة السمك والجراد لقوله صلى الله عليه
وسلم: (أحلت لنا ميتتان) وسيأتي في كتاب الصيد والذبائح.
[88] روى البخاري (170)
ومسلم (279)، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إذَا شَرب الْكَلب في إناء أحدكمْ فلْيَغْسِلْهُ سبعاً) وفي رواية لمسلم: (طهورُ إنَاء
أحدكمَْ إذَا وَلغ فيه الْكَلْبُ أنْ يَغْسِلَهُ سَبع مَرات أولاهَن باَلترابِ).
وللدارقَطنَي (1/ 65): (إحداهُن بالْبطحَاء) [ولغ: شرب. البطحاء: وهي الحصى
الصغار، والمراد التَراب]. وقيس بالكلب الخنزير لأنه أغلظ منه، وبالفم غيره من باب
أولى، كما دل ذلك علي نجاسة عينه.
[89] لحديث ابن عمر رضي
الله عنه:: كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة سبع مِرارٍ، وغَسْلُ البول بسعَ
مرار، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل - أي يسألَ الله الخفيًفَ - حتى
جُعِلَت الصلاة خمساً والغسل من الجنابة مرة، وغسل البول من الثوب مرة. رواه أبو
داود (247) ولم يضعفه. وقيس بالبول غيره.
[90] لأن علة النجاسة الإسكار، وقد زالت بالتخلل.
[91] لأن ما يطرح فيها
يتنجس بملاقاتها، ويبقى متنجساً، فإذا انقلبت خلا وهو فيها نجَّسَهَا.
[92] روى البخاري (290)
ومسلم (1211) عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسَرف
حضت، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكيَ، قالَ: (مَالك،
أنَفِسْتِ) قلت: نعم، قال: (إن هَذَ اأمْرٌ كَتَبَه الله على بَنَات آدَمً،
فَاقْضي ماَ يقضي الحَاج، غيرَ أن لا تَطُوفي بِالبيْتِ). فَي رواية (حتى تطْهري).
[نرى: نَظن أنفسنا محرمين. بسرف: مكان قرب مكة. أنفست: أحضت. فاقضي: افعلي ما
يفعلهُ الحاج من المناسك].
[93] محتدم: حار، من احتدم النهار اشتد حره. لذاع: موجع. روى أبو
داود (286) وغيره، عن فاطمة بنت أبي حبيش: أنها كانت تُسْتحاضُ، فقال لها النبي
صلى الله عليه وسلم: (إذَا كَانَ دَمُ الحيْضَة فَإنّهُ دَمٌ أسْوَدُ يُعْرَفُ،
فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فأمسكي عنِ الصَلاةِ، فَإذَا كاَن الآخرُ فَتَوَضئي وَصَلّي،
فَإنّما هو عِرْق). [يعرف: يعرفه النساء عادة. الآخر: الذي ليست صفته كذلك عرق: أي
ينزف].
[94] روى البخاري (226) ومسلم (333) عن عاشة رضي الله عنها قالت:
جاءت فاطمة بنت أيى حُبَيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني
امرأة أسْتحاضُ فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إنّمَا ذَلِكَ عِرْق وَلَيْسَ بِالْحيضةَ، فإذَا أقبَلَت الحيضَةُ فَاتْرُكي
الصلاةَ، فَإذا ذَهَبَ قدرُها فاغسْلىِ عنكِ الدَمَ وَصَلَي).
[95] هذه التقادير في الحيض والنفاس والطهر مبناها الاستقراء، أى
تتبع الحوادث والوجود، وقد وجدت وقائع أثبتتها. رما رواه أبو داود (311) وغيره عن
أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم أربعين يوماً. محمول على الغالب، وهو لا ينفي الزيادة.
[96] استدل لأقل الحمل بقوله تعالي: " وَحَمْلُهُ وَفصالُهُ
ثلَاثُونَ شهراً /" الأحقاف 15/. مع قوله سبحانه: "وَفصَاله في عَامَيْن
" / لقمان: 14/. [فصاله: فِطَامه]. فإذا كان مجموعَ الحمل والفصال ثلاثين
شهراً والفصال وحده عامين، كان الحمل ستة أشهر. ودليل غالبه وأكثره الاستقراء.
[97] انظر حاشية (3) ص (34) وحاشية (1) ص (35).
[98] روى البخاري (298) ومسلم (80) عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المرأة، وقد سئل عن نقصان دينها: (ألَيْس
إذَا حَاضَتْ لَمْ تصَلً وَلَمْ تَصمُْ). وتقضي الحائض والنفساء الصوم ولا تقضي
الصلاة. روى البخاري (315) ومسلم (335) واللفظ له، عن معاذة قالت: سألت عائشة- رضي
الله عنها- فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ .. قالت: كان يصيبنا
ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
[99] روى ابن ماجه (596) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَقْرَأ الجُنُبُ والحَائِضُ شيئاً مِنَ الْقُرْآن).
[100] لقوله تعالَى: " ليمسه إلا المطهرون " / الواقعة:
79/. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (أنْ لا يمَس القرْآنَ إلا طاهِرٌ). رواه
الدارقطني مرفوعاً (1/ 121) ومالك في الموطأ مرسلا (1/ 199).
[101] إن خافت تلويثه، وإلا
فيحرم عليها المكث والتردد فيه، لا مجرد الدخول. لما رواه أبو داود (232) عن عاثشة
رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا أحل المَسْجِدَ لِحَائِض
وَلا لجنبٍ). وهو محمول على ما ذكر، ويدل عليه: ما رواه مسلم (298) وغيره، عن
عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ناَوِلِيني
الخُمْرَةَ من المسجِدِ) فقلت: إني حائضٌ، فقال: (إن حَيضتك ليستَ في يَدِكِ). وعند
النسائي (1/ 147) عن ميمونة رضي الله عنها قالت: وتقوم إحدانا بِالخمرَة إلى
المسجد فتبسطها وهي حائض. [الخمرة: هي السجادة أو الحصير الذي يضعه المصلي ليصلي
عليه أو يسجد].
[102] روى الحاكم (1/ 459)
وصححه، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن
الطَّوَافَ بِالْبَيتِ مِثْلُ الصلاةِ، إلا أنكم تَتكَلمون، فَمن تكَلّمَ فَلا
يتًكلَّمْ إلا بخِيرٍ). وانظر حاشية (2) ص (34).
[103] لقوله تعالى: "فاعْتَزِلُوا النسَاءَ في المَحيضِ وَلا
تَقْرَبَوهن حَتتَى يطْهرْنَ فَإذَا تطهَرْنَ فأتُوهُن مِنْ حَيْثُ أمرَكمْ اللهُ
إن اللهَ يحبُّ التّوَّابِينَ وَيحِبُّ المتطهِّرِين " / البقرة: 222/.
والمراد باعتزالهن ترك الوطء.
[104] روى أبو داود (212) عن عبد الله بن سعد رضي الله عنه: أنه سأل
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يَحِل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: (لَكَ مَا
فَوْقَ الإزَارِ). أي فوق ما يستره الإزار، والإزار الثوب الذي يستر وسط الجسم،
وهو ما بين السرة والركبة غالباً.
تنبيه: أجمع العلماء على أن النفاس كالحيض، في جميع ما يحل ويحرم، وما
يكره أو يندب.
[105] لقوله تعالى "
لا تَقربوا الصَّلاةَ وَأنْتُمْ سكَارَى حَتَّى تعْلموا مَا تقولُونَ وَلا جُنباً
إلا عَابِري سبَيل حَتّى تَغتَسِلُوا " / النساء: 43/. فالمراد بالصلاة هنا
مواضعها، لَأن العبور لا يكون في الصلاة، وهو نهي للجنب عن الصلاة من باب أولى. وروى
مسلم (224) وغيره، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: (لا تُقْبَلُ صَلاة بِغَيْرِ طَهُورٍ). وهو يشمل طهارة المحدث
والجنب، ويدل على حرمة الصلاة منهما.
[106] انظر في هذه حا 2. حا
5،4 ص 36. حا 1،2 ص 37.
[107] روى البخاري (6554):
مسلم (225) عن أبى هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل
اللهُ صَلاة أحَدكِمْ إذا أحدثَ حَتى يتوَضأ). وانظر حا 5 ص 36. حا 2 ص 37.