Mereka bertanya
kepadamu tentang apa yang mereka nafkahkan. Jawablah: "Apa saja harta yang
kamu nafkahkan hendaklah diberikan kepada ibu-bapak, kaum
kerabat, anak-anak yatim, orang-orang miskin dan orang-orang yang sedang dalam
perjalanan." Dan apa saja kebajikan yang kamu buat, maka
sesungguhnya Allah Maha Mengetahuinya.
(215){ يَسْئَلُونَكَ } يا محمد صلى الله عليه وسلم { مَاذَا يُنفِقُونَ[1]} أي الذي ينفقونه والسائل عمرو بن الجموح[2]وكان شيخا ذا مال فسأل النبي
صلى الله عليه وسلم ماذا ينفق وعلى من ينفق؟ { قُلْ } لهم { مَآ أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ
} بيان ل «ما» شامل للقليل والكثير وفيه بيان المُنْفَق الذي هو أحد شقي السؤال وأجاب
عن المصرف الذي هو الشق الآخر بقوله : { فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن
السبيل[3] } أي هم أولى به { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ} إنفاق أو غيره[4] { فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ } فمجاز عليه (الجلالين)
[1]قوله: {مَاذَا
يُنْفِقُونَ} ما اسم استفهام مبتدأ، وذا اسم موصول بمعنى الذي خبره، وجملة ينفقون
صلته والعائد محذوف أي ينفقونه، والمعنى أن أصحابك يسألونك عن الشيء الذي ينفقونه
هل ينفقون مما تيسر ولو حراماً أو يتحرون الحلال، وفي الآية حذف سؤال آخر دل عليه الجواب، والتقدير وعلى من ينفقون،
والسؤال عن صدقة التطوع بدليل الجواب(حاشية الصاوي) وَنَزَلَتِ
الْآيَةُ فِي عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مَالِي كَثِيرٌ، فبماذا أتصدق، وعلى من أنفق؟ فنزلت"
يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ"...قِيلَ: إِنَّ السَّائِلِينَ
هُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَالْمَعْنَى يَسْأَلُونَكَ مَا هِيَ الْوُجُوهُ
الَّتِي يُنْفِقُونَ فِيهَا، وَأَيْنَ يَضَعُونَ مَا لَزِمَ إِنْفَاقُهُ. قَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ
هَذِهِ الْآيَةُ قَبْلَ فَرْضِ الزَّكَاةِ ثُمَّ نَسَخَتْهَا الزَّكَاةُ
الْمَفْرُوضَةُ. قَالَ ابْنُ
عَطِيَّةَ: وَوَهَمَ الْمَهْدَوِيُّ عَلَى السُّدِّيِّ فِي هَذَا، فَنُسِبَ
إِلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْآيَةَ فِي الزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ ثُمَّ
نُسِخَ مِنْهَا الْوَالِدَانِ. وَقَالَ
ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ: هِيَ نَدْبٌ، وَالزَّكَاةُ غَيْرُ هَذَا
الْإِنْفَاقِ، فَعَلَى هَذَا لَا نَسْخَ فِيهَا، وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِمَصَارِفِ
صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ (الجامع لأحكام القرآن)
وقد اختلف في هذه الآية.1- فقيل: إنها منسوخة بآية الزكاة إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ
وَالْمَساكِينِ [التوبة: 60].2 - وقيل: إنها غير منسوخة، وهو الأولى وهي لبيان صدقة التطوع، فإنّه
متى أمكن الجمع فلا نسخ (تفسير آيات الأحكام للسايس) قال بعضهم : هذه الآية
منسوخة بآية المواريث ، وهذا
ضعيف لأنه يحتمل حمل هذه الآية على وجوه لا يتطرق النسخ إليها أحدها : قال أبو مسلم
الإنفاق على الوالدين واجب عند قصورهما عن الكسب والملك ، والمراد بالأقربين الولد وولد الولد
وقد تلزم نفقتهم عند فقد الملك ، وإذا حملنا الآية على هذا الوجه فقول من قال أنها
منسوخة بآية المواريث ، لا وجه له لأن هذه النفقة تلزم في حال الحياة والميراث يصل
بعد الموت ، وأيضاً فما يصل بعد الموت لا يوصف بأنه نفقة وثانيها : أن يكون المراد من أحب التقرب إلى
الله تعالى في باب النفقة فالأولى له أن ينفقه في هذه الجهات فيقدم الأولى فالأولى
فيكون المراد به التطوع وثالثها
: أن يكون المراد الوجوب فيما يتصل بالوالدين والأقربين من حيث الكفاية وفيما يتصل
باليتامى والمساكين مما يكون زكاة ورابعها : يحتمل أن يريد بالإنفاق على الوالدين والأقربين ما يكون
بعثاً على صلة الرحم وفيما يصرفه لليتامى والمساكين ما يخلص للصدقة فظاهر الآية محتمل لكل هذه
الوجوه من غير نسخ (مفاتيح الغيب)
[2]قوله: (السائل
عمرو) أي إنما جمع السائل
في الآية لأن التكليف لكل مسلم، فكان هذا السائل ترجماناً عن كل مسلم، وإنما اعتنى
بذلك السؤال لأن الإنسان يوم القيامة ورد أنه يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم
أنفقه(حاشية الصاوي) قال عطاء : عن
ابن عباسنزلت هذه الآية في رجل أتى
للنبي عليه الصلاة والسلام فقال إن لي ديناراً فقال : أنفقه على نفسك
قال : إن لي دينارين قال : أنفقهما على أهلك قال : إن لي ثلاثة قال : أنفقها على
خادمك قال : إن لي أربعة قال : أنفقها على والديك قال : إن لي خمسه قال : أنفقها
على قرابتك قال إن لي ستة قال : أنفقها في سبيل الله وهو أحسنها : وروى الكلبي عن ابن عباس أن الآية نزلت
عن عمرو بن الجموح وكان شيخاً كبيراً هرماً ، وهو الذي قتل يوم أحد وعنده مال عظيم
، فقال : ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها فنزلت هذه الآية(مفاتيح الغيب)
[3]قوله:
{وَالأَقْرَبِينَ} أي من أولاد وإخوة وأعمام وعمات، وهو من عطف العام على الخاص،
وصرح بذكر الوالدين وإن دخلا في الأقربين اعتناء بشأنهماقوله: {وَالْيَتَامَى} جمع
يتيم وهو من فقد أباه وهو دون البلوغ، وقدم اليتامى على المساكين لعجزهم عن التكسبقوله:
{وَالْمَسَاكِينِ} المراد بهم ما يشمل الفقراءقوله: {وَابْنِ السَّبِيلِ}
أي الغريب المسافر (حاشية الصاوي) الإنفاق على الأقارب:
يجب على الإنسان أن يكفي أقاربه إذ اكانوا
محتاجين كالآباء والأجداد والأبناء وفروعهم. وأما الإخوة وفروعهم والأعمام والعمات
والأخوال والخالات، فقد اختلفت المذاهب في أمر الإنفاق عليهم، فأوجب الحنفية
الإنفاق على كل ذي رحم محرم كالعم والأخ وابن الأخ والعمة والعم والخال، وألزم
الحنابلة النفقة لكل قريب وارث بفرض أو تعصيب كالأخ والعم وابن العم، ولا تجب لذوي
الأرحام كبنت العم والخال والخالة.القرابة الموجبة للنفقة: للمذاهب آراء أربعة تتفاوت فيما بينها ضيقاً واتساعاً
في تحديد مدى القرابة الموجبة للنفقة، فأضيقها مذهب المالكية، ثم الشافعية، ثم
الحنفية، ثم الحنابلة - أـ
مذهب
المالكية: أن
النفقة الواجبة هي للأبوين والأبناء مباشرة فحسب دون غيرهم، فتجب النفقة للأب
والأم، وللولد ذكراً أو أنثى، ولا تجب للجد والجدة، ولا لولد الولد، لقوله تعالى:
{وبالوالدين إحساناً} [الإسراء:23/17] وقوله سبحانه: {وصاحبهما في الدنيا معروفاً}
[لقمان:15/31] وقوله صلّى الله عليه وسلم لمن جاء يشكو أباه الذي يريد أن يجتاح ماله:
«أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم، فكلوه
هنيئاً».ودليل وجوب نفقة الولد مادام صغيراً لم يبلغ على أبيه: قوله تعالى: {وعلى
المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} [البقرة:233/2] وقوله سبحانه: {فإن أرضعن لكم
فآتوهن أجورهن} [الطلاق:6/65] وقوله صلّى الله عليه وسلم لهند زوجة أبي سفيان: «خذي
ما يكفيك وولدك بالمعروف». فالنفقة واجبة للوالد والولد فقط. ب ـ مذهب
الشافعية: أن
القرابة التي تستحق بها النفقة قرابة الوالدين وإن علوا، وقرابة الأولاد وإن
سفلوا، للآيات والأحاديث السابقة؛ لأن اسم الوالدين يقع على الأجداد والجدات مع
الآباء، لقوله تعالى: {ملة أبيكم إبراهيم} [الحج:78/22] فسمى الله تعالى إبراهيم
أباً وهو جد، ولأن الجد كالأب، والجدة كالأم في أحكام الولادة من رد الشهادة
وإيجاب النفقة وغيرهما. واسم الولد يقع على ولد الولد، لقوله عز وجل: {يا بني آدم}
[الأعراف:31/7] .ولا تجب نفقة من عدا الوالدين والمولودين من الأقارب كالإخوة
والأعمام وغيرهما؛ لأن الشرع ورد بإيجاب نفقة الوالدين والمولودين، وأما من سواهم
فلا يلحق بهم في الولادة وأحكام الولادة، فلم يلحق بهم في وجوب النفقة. فالنفقة
واجبة للأصول والفروع فقط. جـ
ـ مذهب
الحنفية: تجب النفقة
للقرابة المحرمة للزواج، أي لكل ذي رحم محرم، ولا تجب لقريب غير محرم من الإنسان،
لقوله تعالى: {واعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئاً، وبالوالدين إحساناً، وبذي
القربى} [النساء:36/4] وقوله تعالى: {وآت ذا القربى حقه} [الإسراء:26/17] وما روي
عن بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده، قال: قلت: يا رسول الله، من أبرُّ؟ قال: أمَّك،
قال: قلت: ثم من؟ قال: أمَّك، قال: «قلت: يا رسول الله، ثم من؟ قال: أمَّك، قال:
قلت: ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب» العبارة الأخيرة دليل على وجوب نفقة
الأقارب على الأقارب، سواء أكانوا وارثين أم لا.لكن قيد الحنفية القرابة بالمحرمية
في قوله تعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة:233/2] عملاً بما جاء في قراءة ابن
مسعود: (وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك) ولأن صلة القرابة القريبة واجبة دون
البعيدة. فالنفقة واجبة للأصول والفروع والحواشي ذوي الأرحام. د ـ مذهب
الحنابلة: تجب
النفقة لكل قريب وارث بالفرض أو التعصيب من الأصول والفروع والحواشي كالإخوة
والأعمام وأبنائهم، وكذا من ذوي الأرحام إذا كانوا من عمود النسب كأب الأم. وابن
البنت، سواء أكانوا وارثين أم محجوبين. أما من كان من غير عمود النسب كالخالة
والعمة، فلا نفقة له على قريبه؛ لأن قرابتهم ضعيفة، وإنما يأخذون المال عند عدم
الوارث كسائر المسلمين. فهم لم يشترطوا المحرمية كما اشترطها الحنفية، فيستحق ابن
العم النفقة على ابن عمه؛ لأنه وارث، ولا يستحقها عند الحنفية؛ لأنه غير محرم.ودليلهم
قوله تعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة:233/2] ولأن بين المتوارثين قرابة
تقتضي كون الوارث أحق بمال المورث من سائر الناس، فينبغي أن يختص بوجوب صلته
بالنفقة دونهم، فإن لم يكن وارثاً لعدم القرابة، لم تجب عليه النفقة لذلك. يظهر من
هذه المذاهب أن الفقهاء أجمعوا على وجوب النفقة للآباء والأمهات والأولاد والزوجات
في حالة العجز والإعسار، وكان المنفق موسراً. فإن كان الأب معسراً والأم موسرة،
تؤمر بالإنفاق، وتكون النفقة ديناً على الأب .وقال
ابن حزم الظاهري : إن عجز الزوج عن نفقة نفسه، وامرأته غنية، كلفت النفقة
عليه، ولا ترجع عليه بشيء مما أنفقته إن أيسر، لقوله تعالى: {وعلى المولود له
رزقهن وكسوتهن بالمعروف، لا تكلف نفس إلا وسعها، لا تضارّ والدة بولدها، ولا مولود
له بولده، وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة:233/2] قال علي رضي الله عنه: الزوجة
وارثة، فعليها نفقته بنص القرآن. (الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ)اعلم أنه تعالى راعى الترتيب في
الإنفاق ، فقدم
الوالدين ، وذلك لأنهما كالمخرج له من العدم إلى الوجود في عالم الأسباب ،
ثم ربياه في الحال الذي كان في غاية الضعف ، فكان إنعامهما على الابن أعظم من
إنعام غيرهما عليه ، ولذلك قال تعالى : { وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ
إياه وبالوالدين } [ الإسراء : 23 ] وفيه إشارة إلى أنه ليس بعد رعاية حق الله
تعالى شيء أوجب من رعاية حق الوالدين ، لأن الله تعالى هو الذي أخرج الإنسان من
العدم إلى الوجود في الحقيقة ، والوالدان هما اللذان أخرجاه إلى عالم الوجود في
عالم الأسباب الظاهرة ، فثبت أن حقهما أعظم من حق غيرهما فلهذا أوجب تقديمهما على
غيرهما في رعاية الحقوق ، ثم ذكر تعالى بعد الوالدين الأقربين ، والسبب فيه أن الإنسان لا يمكنه أن
يقوم بمصالح جميع الفقراء ، بل لا بد وأن يرجح البعض على البعض ، والترجيح لا بد
له من مرجح ، والقرابة تصلح أن تكون سبباً
للترجيح من وجوهأحدها : أن القرابة مظنة المخالطة ،
والمخالطة سبب لاطلاع كل واحد منهم على حال الآخر ، فإذا كان أحدهما غنياً والآخر
فقيراً كان اطلاع الفقير على الغني أتم ، واطلاع الغني على الفقير أتم ، وذلك من
أقوى الحوامل على الإنفاق وثانيها
: أنه لو لم يراع جانب الفقير ، احتاج الفقير للرجوع إلى غيره وذلك عار وسيئة في
حقه فالأولى أن يتكفل بمصالحهم دفعاً للضرر عن النفس وثالثها : أن قريب الإنسان جار مجرى الجزء منه
والإنفاق على النفس أولى من الإنفاق على الغير ، فلهذا السبب كان الإنفاق على
القريب أولى من الإنفاق على البعيد ، ثم إن الله تعالى ذكر بعد الأقربين اليتامى ، وذلك لأنهم لصغرهم
لا يقدرون على الاكتساب ولكونهم يتامى ليس لهم أحد يكتسب لهم ، فالطفل الذي مات
أبوه قد عدم الكسب والكاسب وأشرب على الضياع ، ثم ذكر تعالى بعدهم المساكين وحاجة هؤلاء أقل من
حاجة اليتامى لأن قدرتهم على التحصيل أكثر من قدرة اليتامى ثم ذكر تعالى بعدهم ابن السبيل فإنه بسبب انقطاعه
عن بلده ، قد يقع في الاحتياج والفقر ، فهذا هو الترتيب الصحيح الذي رتبه الله
تعالى في كيفية الإنفاق ، ثم لما فصل هذا التفصيل الحسن الكامل أردفه بعد ذلك
بالإجمال فقال : { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ } أي
وكل ما فعلتموه من خير إما من هؤلاء المذكورين وإما مع غيرهم حسبة لله وطلباً
لجزيل ثوابه وهرباً من أليم عقابه فإن الله به عليم ، والعليم مبالغة في كونه
عالماً يعني لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء فيجازيكم أحسن
الجزاء عليه كما قال : { لإنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ
أَوْ أنثى } [ آل عمران : 195 ] وقال : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } [
الزلزلة : 7 ](مفاتيح الغيب) مبدأ كفاية النفقة للقريب والزوجة:اتفق الفقهاء على أن نفقة الأقارب والزوجات
تجب بقدر الكفاية من الخبز والأدم والكسوة والسكن على حسب حال المنفق
وبقدر العادة أو عوائد البلاد؛ لأنها وجبت للحاجة، والحاجة تندفع بالكفاية، كنفقة
الزوجة، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم لهند: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»
فقدر نفقتها ونفقة ولدها بالكفاية. فإن احتاج القريب أو الزوجة إلى خادم فعلى
المنفق إخدامه؛ لأنه من تمام كفايته.شروط وجوب النفقة:يشترط لوجوب الإنفاق على القريب ثلاثة شروط
: أولاً ـ أن يكون
القريب فقيراً لا مال له ولا قدرة له على الكسب لعدم البلوغ أو الكبر أو الجنون أو
الزمانة المرضية، ويستثنى الأبوان فتجب لهما النفقة ولو مع القدرة على الكسب
بالصحة والقوة. فإن كان القريب موسراً بمال أو كسب يستغني به غير الوالدين، فلا
نفقة له؛ لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة. والراجح عند
المالكية أن النفقة للوالدين على الولد لا تجب إذا قدر على الكسب وتركاه. ثانياً ـ أن يكون الملزم
بالنفقة موسراً مالكاً نفقة فاضلة عن نفسه إما من ماله وإما من كسبه، فيلزم القادر
على التكسب أن يعمل للإنفاق على قريبه الفقير. ويستثنى الأب، فنفقة أولاد هـ واجبة
عليه ولو كان معسراً. وكذلك الزوج، فنفقة زوجته واجبة عليه ولو كان معسراً. وقال
المالكية: لا يجب على الولد المعسر تكسب لينفق على والديه ولو قدر على التكسب. ودليل
اشتراط هذا الشرط حديث: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» وحديث جابر المتقدم: «إذا كان
أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، فإن فضل فعلى عياله، فإن كان فضل فعلى قرابته» وحديث
أبي هريرة عند أبي داود وغيره: «أن رجلاً جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلم،
فقال: يا رسول الله، عندي دينار؟ قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي دينار آخر؟
قال: تصدق به على زوجتك، قال: عندي دينار آخر؟ قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي
دينار آخر؟ قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي دينار آخر؟ قال: أنت أبصر به». ثالثاً ـ أن يكون المنفق
قريباً للمنفق عليه ذا رحم محرم منه، مستحقاً للإرث منه في مذهب الحنفية. أما في
رأي الحنابلة فيشترط أن يكون المنفق وارثاً لقوله تعالى: {وعلى الوارث مثل ذلك}
[البقرة:233/2] . وأما عند المالكية فأن يكون أباً أو ابناً، وعند الشافعية أن
يكون من الأصول أو الفروع، كما أبنت في بحث المبدأ الثالث. وينفق الأب على ولده
مادام يتعلم، ولو بعد البلوغ،(الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ)
[4]قوله: {وَمَا
تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ} ما شرطية، وتفعلوا فعل الشرط، وما بعد الفاء جوابه، وأتى
بتلك الجملة طمأنينة للمؤمن في الاكتفاء بوعد الله في المجازاة لأنه وعد بها ووعده
لا يتخلف، ومع ذلك لا يغيب عن علمه مثقال ذرة، فيلزم من علمه بالخير من العبد
مجازاته عليه، والأسرار بنفقة التطوع أفضل لأن صاحبها من جملة من يظله الله في ظل
عرشه يوم لا ظل إلى ظله.قوله: أو غيره) أي كالكلام اللين الطيب(حاشية الصاوي)
Perumpamaan
(nafkah yang dikeluarkan oleh) orang-orang yang menafkahkan hartanya di jalan
Allah adalah serupa dengan sebutir benih yang menumbuhkan tujuh bulir, pada
tiap-tiap bulir: seratus biji. Allah melipat gandakan (ganjaran) bagi siapa
yang Dia kehendaki. Dan Allah Maha Luas (karunia-Nya) lagi Maha Mengetahui.
Orang-orang
yang menafkahkan hartanya di jalan Allah, kemudian mereka tidak mengiringi apa
yang dinafkahkannya itu dengan menyebut-nyebut pemberiannya dan dengan tidak
menyakiti (perasaan si penerima), mereka memperoleh pahala di sisi Tuhan
mereka. Tidak ada kekhawatiran terhadap mereka dan tidak (pula) mereka bersedih
hati.
Perkataan
yang baik dan pemberian maaf lebih baik dari sedekah yang diiringi dengan
sesuatu yang menyakitkan (perasaan si penerima). Allah Maha Kaya lagi Maha
Penyantun.
1.Apa yang
dimaksud dengan infaq ? (jawaban, Lihat pada catatan kaki tentang“ الإنفاق”)
2.Dari mana
diperoleh uang atau benda yang akan diinfakkan ? (
permasalahan ini akan dijelaskan pada bahasan tersendiri)
3.Kepada siapa
atau urusan apa saja uang atau benda tersebut boleh, Sunnah atau wajib
diinfakkan ? ( permasalahan ini akan dijelaskan
pada bahasan tersendiri, khususnya pada bahasan Q.S Al-baqoroh ayat 215)
4.Apa saja niat
yang wajib dimunculkan pada saat berinfak ?) ([1]إِنَّمَا
الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ
5.Sikap apa saja
yang tidak boleh dilakukan setelah berinfak ? ( Jawaban Q.S. Al-Baqoroh 261, 262, 264)
6.Perbuatan apa
yang lebih baik daripada sedekah yang diiringi dengan
sesuatu yang menyakitkan perasaan si penerima ?( jawaban pada Q.S. Al-Baqoroh 263)
B.Pembahasan
Beberapa Istilah yang berhubungan
dengan “Infaq”
üinfak adalah harta yang dikeluarkan
oleh seseorang atau badan usaha di luar zakat untukkemaslahatan umum.
üZakat adalah harta yang wajib dikeluarkan
oleh seorang muslim atau badan usaha untuk diberikan kepada yang berhak
menerimanya sesuai dengan syariat Islam.
üSedekah adalah harta atau nonharta yang dikeluarkan oleh seseorang
atau badan usaha di luar zakat untuk kemaslahatan umum[2].
infak
merupakan amalan yang tak bisa lepas dari kehidupan sehari-hari seorang Muslim.
infak berasal dari Bahasa Arab, "anfaqa" yang berarti
membelanjakan harta atau memberikan harta. Sedangkan infak berarti mengeluarkan
harta untuk sesuatu keperluan[3].
Dalam prakteknya,
infak dibagi menjadi dua, ada infak
untuk kebaikan, dan infak untuk keburukan. infak
kebaikan ini dilakukan atau dibelanjakan untuk di jalan Allah, yang juga
dengan harta berasal dari hal yang baik.
Sedangkan infak
keburukan contohnya, dijelaskan dalam Surat Al-Anfal Ayat 36, yang artinya sebegai
berikut:
"Sesungguhnya orang-orang yang kafir menafkahkan harta mereka untuk
menghalangi (orang) dari jalan Allah. Mereka akan menafkahkan harta itu,
kemudian menjadi sesalan bagi mereka, dan mereka akan dikalahkan. Dan ke dalam
Jahannamlah orang-orang yang kafir itu dikumpulkan" (QS. Al-Anfal : 36).
Allah Subhanahu Wata’ala memerintahkan setiap hambanya agar
menyisihkan hartanya untuk berinfak yang hal ini masuk dalam kebaikan, dan
Allah mencintai hambanya yang berbuat baik. Hal ini dijelaskan dalam Surat Ali
Imran ayat 133 - 134.
“Dan bersegeralah kamu kepada keampunan Tuhanmu dan kepada surga
yang luasnya seluas langit dan bumi yang disediakan untuk orang-orang yang
takwa. Yaitu orang-orang yang menginfakkan (hartanya) baik di waktu senang atau
di waktu susah, dan orang-orang yang menahan kemarahannya dan memaafkan
kesalahan orang. Allah mencintai orang-orang yang berbuat kebaikan”. (QS. Ali Imran: 133 - 134).
infak ternyata memiliki perbedaan dari sedekah, infak sebenarnya
dilakukan dengan harta atau material, sedangkan sedekah, bisa dilakukan dengan
non-harta atau non-material. Misalnya saja sedekah bisa dilakukan dengan
senyuman, “Senyummu
terhadap wajah saudaramu adalah sedekah.”[4] (HR. Tirmidzi).
[5]وقدر
المفسر قوله نفقات ليصح التشبيه لأن ذوات
المنفقين لا يصح تشبيهها بالحبة، والحاصل أنه لا يصح التشبيه إلا بتقدير، إما
في الأول كما صنع المفسر أو في الثاني أي مثل الذين ينفقون أموالهم كمثل باذر حبة(حاشية الصاوي) (215 - البقرة){ يَسْئَلُونَكَ } يا محمد صلى الله عليه وسلم { مَاذَا يُنفِقُونَ} أي
الذي ينفقونه والسائل عمرو بن الجموح وكان شيخا ذا مال فسأل النبي صلى الله عليه وسلم
ماذا ينفق وعلى من ينفق؟ { قُلْ } لهم { مَآ
أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ } بيان ل «ما» شامل للقليل والكثير وفيه بيان المُنْفَق الذي
هو أحد شقي السؤال وأجاب عن المصرف الذي هو الشق الآخر بقوله : { فللوالدين والأقربين
واليتامى والمساكين وابن السبيل } أي هم أولى به { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ}
إنفاق أو غيره{ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ } فمجاز عليه
(الجلالين)
[6]الإنفاق:هو صرف المال إلى الحاجة (التعريفات) وَالْإِنْفَاقُ:
إِخْرَاجُ الْمَالِ مِنَ الْيَدِ، وَمِنْهُ نَفَقَ الْبَيْعُ: أَيْ خَرَجَ مِنْ
يَدِ الْبَائِعِ إِلَى الْمُشْتَرِي. وَنَفَقَتِ الدَّابَّةُ: خَرَجَتْ رُوحُهَا،
وَمِنْهُ النَّافِقَاءُ لِجُحْرِ الْيَرْبُوعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ إِذَا
أُخِذَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. وَمِنْهُ الْمُنَافِقُ، لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ
أَوْ يَخْرُجُ الْإِيمَانُ مِنْ قَلْبِهِ. وَنَيْفَقُ السَّرَاوِيلَ مَعْرُوفَةٌ
وَهُوَ مَخْرَجُ الرِّجْلِ مِنْهَا. وَنَفَقَ الزَّادُ: فَنِيَ وَأَنْفَقَهُ
صَاحِبُهُ. وَأَنْفَقَ الْقَوْمُ: فَنِيَ زَادُهُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ
تَعَالَى:" إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ «8» " [الاسراء: 100] (الجامع
لأحكام القرآن) أَصْلُ الْإِنْفَاقِ إِخْرَاجُ الْمَالِ مِنَ الْيَدِ، وَمِنْهُ
نَفَقَ الْمَبِيعُ نَفَاقًا إِذَا كَثُرَ الْمُشْتَرُونَ لَهُ، وَنَفَقَتِ
الدَّابَّةُ إِذَا مَاتَتْ أَيْ خَرَجَ رُوحُهَا، وَنَافِقَاءُ الْفَأْرَةِ
لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْهَا وَمِنْهُ النَّفَقُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ
تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ [الْأَنْعَامِ: 35] (مفاتيح
الغيب) وأنفق الشيء
وأنفده أخوان خلا أن فى الثاني معنى الإذهاب
التام دون الأول كما
في المراغي
، ولو استقريت الألفاظ وجدت كل ما فاؤه نون وعينه فاء دالاً على معنى الذهاب
والخروج (أنوار
التنزيل وأسرار التأويلوتفسير
النسفي) والإنفاق هو الْإِحْسَانُ إِلَى
الْمَخْلُوقِينَ بِالنَّفْعِ الْمُتَعَدِّي إِلَيْهِمْ، وَأَوْلَى النَّاسِ
بِذَلِكَ الْقَرَابَاتُ وَالْأَهْلُونَ وَالْمُمَالِيكُ، ثُمَّ الْأَجَانِبُ،
فَكُلٌّ مِنَ النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ وَالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ دَاخِلٌ فِي
قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}(تفسير
القرآن العظيم) آيات
ورد فيها "الإنفاق"
[9]وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ (وَاللَّهُ يُضاعِفُ
لِمَنْ يَشاءُ) فَقَالَتْ
طَائِفَةٌ: هِيَ مُبَيِّنَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِ
السَّبْعِمِائَةِ، وَلَيْسَ ثَمَّ تَضْعِيفٌ فَوْقَ السَّبْعِمِائَةِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ:
بَلْ هُوَ إِعْلَامٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ أَكْثَرَ
مِنْ سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ. قُلْتُ:
وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ
لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ الْآيَةِ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ حَدَّثَنَا
هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ
الْخَلِيلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْحَسَنِ [عَنْ «3» ] عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَبْدِ الله بن عمرو وَأَبِي أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ كُلِّهِمْ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ أَرْسَلَ بِنَفَقَةٍ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَأَقَامَ فِي بَيْتِهِ فَلَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ سَبْعُمِائَةِ
دِرْهَمٍ وَمَنْ غَزَا بِنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْفَقَ «4» فِي
وَجْهِهِ «5» فَلَهُ بِكُلِّ دِرْهَمٍ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ- ثُمَّ تَلَا
[هذه الآية «6» ]- والله يضاعف لمن يشاء الله". وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ التَّضْعِيفَ [يَنْتَهِي «7» ] لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَى
أَلْفَيْ أَلْفٍ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَلَيْسَ هَذَا بِثَابِتِ الْإِسْنَادِ(الجامع لأحكام القرآن) والله
يضاعف لمن يشاء فوق ذلك، بحسب حال المنفق وإيمانه وإخلاصه وإحسانه، ونفع نفقته
وقدرها. ووقوعها موقعها. فإن ثواب الإنفاق يتفاوت بحسب ما يقوم بالقلب من الإيمان
والإخلاص، والتثبيت عند النفقة، وهو إخراج المال بقلب ثابت، قد انشرح صدره
بإخراجه، وسمحت به نفسه، وخرج من قلبه قبل خروجه من يده، فهو ثابت القلب عند
إخراجه، غير جزع ولا هلع، ولا متبعه نفسه، ترجف يده وفؤاده.ويتفاوت بحسب نفع
الإنفاق بحسب مصادفته لموقعه، وبحسب طيب المنفق وزكائه.( تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)) أي
على حسب الأخلاص وطيب المال ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " الله
الله في أصحابي لا تتخذهم غرضاً من بعديفوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل
أحد ذهباً لما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " وأعلم أن أقل المضاعفة عشر ثم
سبعون ثم سبعمائة إلى غير نهاية، وظاهر المفسر أن وعد الله الذي لا يتخلف هو
المضاعفة بالسبعمائة، وأما ما زاد فيختص برحمته من يشاء، والحق أن وعد الله الذي
لا يختلف هو المضاعفة بالعشر وما زاد فيخص به من يشاء فقوله: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ
لِمَن يَشَآءُ} صادق بما فوق العشرة، قوله: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ} (فضله) أي فلا
يستغرب إعطاؤه الشيء الكثير في نظير شيء قليل لا تخفى عليه خافية، وهذا كالدليل
لما قبله. (حاشية
الصاوي)
[10]وجاء العطف بثم
في الجملة الكريمة، لإظهار
التفاوت الشديد في الرتبة بين الإنفاق الذي يحبه الله وبين الإنفاق الذي
يصاحبه المن والأذى، وللإشعار
بأن المن والأذى بغيضان عند الإنفاق وبعده، فعلى المنفق أن يستمر في أدبه وإخلاصه
وقت الإنفاق وبعده حتى لا يذهب ثوابه، إذ المنّ والأذى مبطلان للثواب في أى وقت يحصلان فيه. قال الشيخ ابن المنير مبينا أن ثُمَّ هنا تفيد استمرار الفعل
بجانب إفادتها للتفاوت في الرتبة: وعندي
فيها- أى في ثم- وجه آخر محتمل في هذه الآية ونحوها. وهو الدلالة على دوام
الفعل المعطوف بها وإرخاء الطول في استصحابه. فهي على هذا لم تخرج عن الإشعار ببعد
الزمن، ولكن معناها الأصلى
تراخى زمن وقوع الفعل وحدوثه، ومعناها
المستعار إليه دوام وجود الفعل وتراخى زمن بقائه. وعليه حمل قوله-: إِنَّ
الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا أى: داوموا على هذه
الاستقامة دواما متراخيا ممتد الأمد.. وكذلك قوله هنا «ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا
ولا أذى» أى يدومون على تناسى الإحسان وعلى ترك الاعتداد به والامتنان والأذى.. «حاشية
تفسير الكشاف ج 1 ص 311 للشيخ أحمد بن المنير.» .وكرر- سبحانه- النفي في قوله: ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لتأكيده وشموله لأفراد كل واحد منهما، أى يجب ألا
يقع منهم أى نوع من أنواع المن ولا أى نوع من أنواع الأذى. حتى لقد قال بعض الصالحين: «لئن ظننت
أن سلامك يثقل على من أنفقت عليه بنفقة تبتغى بها وجه الله، فلا تسلّم عليه» (التفسير
الوسيط للقرآن الكريم لمحمد سيد طنطاوي)
[11]قوله: {مَنّاً} هو تعداد النعم، وأتى بثم إشارة أن المن
يقع بعد الانفاق بمهلة وهو حرام مخبط للعمل إلا من الوالد على ولده، والشيخ على
تمليذه والسيد على عبده، فليس بحرامقوله:
{وَلاَ أَذًى} من عطف العام على الخاص، لأن المن من جملة
الأذى (حاشية
الصاوي) هذا
بيان للقرض الحسن ما هو؟ وهو أن يكون في سبيله أي في مرضاته والطريق الموصلة
إليه ومن أنفعها سبيل الجهاد، وسبيل الله خاص وعام، والخاص جزء من السبيل العام
وأن لا يتبع صدقته بمن ولا أذى، فالمن نوعان.أحدهما: منّ بقلبه
من غير أن يصرح له بلسانه وهذا إن لم يبطل الصدقة فهو من نقصان شهود منة الله عليه
في عطائه المال وحرمان غيره وتوفيقه للبذل ومنع غيره منه فلله المنة عليه من كل وجه.
فكيف يشهد قلبه منة لغيره؟. والنوع الثاني:
أن يمن عليه بلسانه فيعتدي على من أحسن إليه بإحسانه ويريه أنه اصطنعه وأنه أوجب
عليه حقا وطوقه منة في عنقه فيقول: أما أعطيتك كذا وكذا؟ ويعدد أياديه عنده، قال
سفيان: يقول: أعطيتك فما شكرت. وقال عبد الرحمن بن زياد : كان أبي يقول: إذا أعطيت
رجلاشيئا ورأيت أن سلامك يثقل عليه فكنّ سلامك عنه، وكانوا
يقولون: إذا اصطنعتم صنيعة فانسوها وإذا أسدى إليكم صنيعة فلا تنسوها ... وقيل: صفوان من منح سائله ومنّ، ومن منع نائله وضن، وحظر
الله على عباده المن بالصنيعة واختص به صفة لنفسه لأنه من العباد تكدير وتعيير،
ومن الله سبحانه وتعالى إفضال وتذكير. وأيضا فإنه هو المنعم في نفس الأمر، والعباد
وسائط فهو المنعم على عبده في الحقيقة، وأيضا فالامتنان استعباد، وكسر، وإذلال لمن
يمن عليه ولا تصلح العبودية والذل إلا لله. وأيضا
فالمنة أن يشهد المعطي أنه هو رب الفضل، والإنعام، وأنه ولي النعمة، ومسديها،
وليس ذلك في الحقيقة إلا لله، وأيضا فالمانّ بعطائه يشهد نفسه مترفعا على الآخذ
مستعليا عليه غنيا عنه عزيزا، ويشهد ذل الآخذ وحاجته إليه وفاقته ولا ينبغي ذلك
للعبد، وأيضا فإن المعطي قد تولى الله ثوابه ورد عليه أضعاف ما أعطى فبقي عوض ما
أعطى عند الله. فأي حق بقي له قبل الآخذ؟ فإذا امتن عليه فقد ظلمه ظلما بينا،
وادعى أن حقه في قبله. ومن هنا والله أعلم بطلت
صدقته بالمن فإنه لما كانت معاوضته ومعاملته مع الله وعوض تلك الصدقة عنده فلم
يرض به، ولاحظ العوض من الآخذ والمعاملة عنده فمن عليه بما أعطاه بطلت معاوضته مع
الله ومعاملته له، فتأمل هذه النصائح من الله لعباده ودلالته على ربوبيته، وإلهيته
وحده، وأنه يبطل عمل من نازعه في شيء من ربوبيته، وإلهيته لا إله غيره، ولا رب
سواه.ونبه بقوله: ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا
وَلا أَذىً على أن المن والأذى ولو تراخى عن الصدقة وطال زمنه ضر بصاحبه، ولم يحصل
له مقصودالإنفاق، ولو أتى بالواو، وقال: ولا يتبعون
ما أنفقوا منا ولا أذى لأوهمت تقييد ذلك بالحال، وإذا كان المن، والأذى المتراخي
مبطلا لأثر الإنفاق مانعا من الثواب. فالمقارن أولى، وأحرى، وتأمل كيف جرد الخبر
هنا عن الفاء فقال: لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وقرنه بالفاء في قوله
تعالى: 2: 274 الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ
وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ فإن الفاء الداخلة على خبر المبتدأ
الموصول أو الموصوف تفهم معنى الشرط والجزاء وأنه مستحق بما تضمنه المبتدأ من
الصلة أو الصفة، فلما كان هنا يقتضي بيان حصر المستحق للجزاء دون غيره جرد الخبر
عن الفاء فإن المعنى أن الذي
ينفق ماله لله، ولا يمن ولا يؤذي هو الذي يستحق الأجر المذكور لا الذي ينفق لغير
الله، ويمن ويؤذي ينفقته فليس المقام مقام شرط وجزاء. بل مقام بيان للمستحق دون غيره. (تفسير
القرآن الكريم (ابن القيم)) أَخْبَرَ
اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ الصَّدَقَاتِ إذَا لَمْ تَكُنْ خَالِصَةً لِلَّهِ عَارِيَّةً مِنْ مَنٍّ وَأَذًى فَلَيْسَتْ بِصَدَقَةٍ
لِأَنَّ إبْطَالَهَا هو إحْبَاطُ ثَوَابِهَا فَيَكُونُ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ
لَمْ يَتَصَدَّقْ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يَكُونُ سَبِيلُهُ وُقُوعَهُ عَلَى
وَجْهِ الْقُرْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَشُوبَهُ
رِيَاءٌ وَلَا وَجْهَ غَيْرُ الْقُرْبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُهُ كَمَا قَالَ
تعالى وَلا تُبْطِلُوا
أَعْمالَكُمْ وَقَالَ تَعَالَى وَما
أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ
فَمَا لَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْقُرْبِ فَغَيْرِ مُثَابٍ عَلَيْهِ
فَاعِلُهُ وَنَظِيرُهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى مَنْ
كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ
وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يَجُوزُ الاستيجار عَلَى الْحَجِّ
وَفِعْلِ الصَّلَاةِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَسَائِرِ الْأَفْعَالِ الَّتِي
شَرَطَهَا أَنْ تُفْعَلَ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ لِأَنَّ أَخْذَ الْأَجْرِ
عَلَيْهَا يُخْرِجُهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ قُرْبَةَ لِدَلَائِلِ هَذِهِ الْآيَاتِ
وَنَظَائِرِهَا وَرَوَى عَمْرٌو
عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْله تَعَالَى لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ
وَالْأَذى قَالَ هُوَ الْمُتَصَدِّقُ يَمُنُّ بِهَا فَنَهَاهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ
وَقَالَ لِيَحْمَدْ اللَّهَ إذْ هَدَاهُ للصدقة(أحكام
القرآن للجصاص)الْمَنُّ: ذِكْرُ
النِّعْمَةِ عَلَى مَعْنَى التَّعْدِيدِ لَهَا وَالتَّقْرِيعِ بِهَا، مِثْلَ
أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ وَنَعَشْتُكَ وَشِبْهَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَنُّ: التَّحَدُّثُ
بِمَا أَعْطَى حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ الْمُعْطَى فَيُؤْذِيَهُ. وَالْمَنُّ مِنَ
الْكَبَائِرِ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي
صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ لَا
يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"
ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ
لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ
وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ
وَالْمُدْمِنُ الْخَمْرَ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى". وَفِي بَعْضِ طُرُقِ مُسْلِمٍ:"
الْمَنَّانُ هُوَ
الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مِنَّةً". وَالْأَذَى: السَّبُّ وَالتَّشَكِّي، وَهُوَ
أَعَمُّ مِنَ الْمَنِّ، لِأَنَّ الْمَنَّ جُزْءٌ مِنَ الْأَذَى لَكِنَّهُ نَصَّ
عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ. وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ: لَئِنْ ظَنَنْتَ أَنَّ سَلَامَكَ يُثْقِلُ عَلَى مَنْ
أَنْفَقْتَ عَلَيْهِ تُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيْهِ. وَقَالَتْ
لَهُ امْرَأَةٌ: يَا أَبَا أُسَامَةَ دُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ يَخْرُجُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ حَقًّا فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَخْرُجُونَ يَأْكُلُونَ الْفَوَاكِهَ
فَإِنَّ عِنْدِي أَسْهُمًا وَجَعْبَةً. فَقَالَ: لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي
أَسْهُمِكِ وَجَعْبَتِكِ فَقَدْ آذَيْتِهُمْ قَبْلَ أَنْ تُعْطِيَهُمْ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ
عَلَيْهِمْ: فَمَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يُتْبِعْهُ مَنًّا
وَلَا أَذًى كَقَوْلِهِ: مَا أَشَدَّ إِلْحَاحَكَ! وَخَلَّصَنَا اللَّهُ مِنْكَ!
وَأَمْثَالُ هَذَا فَقَدْ تضمن الله له الأجر، والأجر الجنة،وَنَفَى عَنْهُ
الْخَوْفَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَا يَسْتَقْبِلُ، وَالْحُزْنَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ
دُنْيَاهُ، لِأَنَّهُ يَغْتَبِطُ بِآخِرَتِهِ (الجامع
لأحكام القرآن) وَإِنَّمَا
كَانَ الْمَنُّ مَذْمُومًا لِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ:
أَنَّ الْفَقِيرَ الْآخِذَ لِلصَّدَقَةِ مُنْكَسِرُ الْقَلْبِ لِأَجْلِ حَاجَتِهِ
إِلَى صَدَقَةٍ غَيْرُ مُعْتَرِفٍ بِالْيَدِ الْعُلْيَا لِلْمُعْطِي، فَإِذَا
أَضَافَ الْمُعْطِي إِلَى ذَلِكَ إِظْهَارَ ذَلِكَ الْإِنْعَامِ، زَادَ ذَلِكَ فِي
انْكِسَارِ قَلْبِهِ، فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَضَرَّةِ بَعْدَ الْمَنْفَعَةِ،
وَفِي حُكْمِ الْمُسِيءِ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ وَالثَّانِي: إِظْهَارُ
الْمَنِّ يُبْعِدُ أَهْلَ الْحَاجَةِ عَنِ الرَّغْبَةِ فِي صَدَقَتِهِ إِذَا
اشْتُهِرَ مِنْ طَرِيقِهِ ذَلِكَ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُعْطِيَ يَجِبُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ
هَذِهِ النِّعْمَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ لِلَّهِ
عَلَيْهِ نِعَمًا عَظِيمَةً حَيْثُ وَفَّقَهُ لِهَذَا الْعَمَلِ، وَأَنْ يَخَافَ
أَنَّهُ هَلْ قَرَنَ بِهَذَا الْإِنْعَامِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ قَبُولِ اللَّهِ
إِيَّاهُ، وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ امْتَنَعَ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنَّةً
عَلَى الْغَيْرِ الرَّابِعُ:
وَهُوَ السِّرُّ الْأَصْلِيُّ أَنَّهُ إِنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الْإِعْطَاءَ
إِنَّمَا تَيَسَّرَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَيَّأَ لَهُ أَسْبَابَ الْإِعْطَاءِ
وَأَزَالَ أَسْبَابَ الْمَنْعِ، وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ
الْمُعْطِي هُوَ اللَّهَ فِي الْحَقِيقَةِ لَا الْعَبْدَ، فَالْعَبْدُ إِذَا كَانَ
فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ كَانَ قَلْبُهُ مُسْتَنِيرًا بِنُورِ اللَّهِ تَعَالَى
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كَانَ مَشْغُولًا بِالْأَسْبَابِ
الْجُسْمَانِيَّةِ الظَّاهِرَةِ وَكَانَ مَحْرُومًا عن مطالعة الأسباب الربانية
الحقيقة فَكَانَ فِي دَرَجَةِ الْبَهَائِمِ الَّذِينَ لَا يَتَرَقَّى نَظَرُهُمْ
عَنِ الْمَحْسُوسِ إِلَى الْمَعْقُولِ وَعَنِ الْآثَارِ إِلَى الْمُؤَثِّرِ،
وَأَمَّا الْأَذَى فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى
الْإِطْلَاقِ فِي أَذَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْمَنِّ بَلْ يَجِبُ
أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ
لِلْفَقِيرِ: أَنْتَ أَبَدًا تَجِيئُنِي بِالْإِيلَامِ وَفَرَّجَ اللَّهُ عَنِّي
مِنْكَ وَبَاعَدَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ
مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ ثُمَّ إِنَّهُ لَا يُتْبِعُهُ الْمَنَّ وَالْأَذَى فَلَهُ
الْأَجْرُ الْعَظِيمُ وَالثَّوَابُ الْجَزِيلُ. فَإِنْ قِيلَ: ظَاهِرُ اللَّفْظِ
أَنَّهُمَا بِمَجْمُوعِهِمَا يُبْطِلَانِ الْأَجْرَ فَيَلْزَمُ أَنَّهُ لَوْ
وُجِدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الثَّانِي لَا يَبْطُلُ الْأَجْرُ. قُلْنَا: بَلِ
الشَّرْطُ أَنْ لَا يُوجَدَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُتْبِعُونَ
مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً يَقْتَضِي أَنْ لَا يَقَعَ مِنْهُ لَا هَذَا
وَلَا ذَاكَ. الْمَسْأَلَةُ
الرَّابِعَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ
الْكَبَائِرَ تُحْبِطُ ثَوَابَ فَاعِلِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ
أَنَّ هَذَا الثَّوَابَ إِنَّمَا يَبْقَى إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْمَنُّ وَالْأَذَى،
لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ مَعَ فَقْدِهِمَا وَمَعَ وُجُودِهِمَا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا
الِاشْتِرَاطِ فَائِدَةٌ. أَجَابَ
أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ حُصُولَ الْمَنِّ
وَالْأَذَى يُخْرِجَانِ الْإِنْفَاقَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَجْرٌ وَثَوَابٌ أَصْلًا،
مِنْ حَيْثُ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَنْفَقَ لِكَيْ يَمُنَّ، وَلَمْ
يُنْفِقْ لِطَلَبِ رِضْوَانِ اللَّهِ، وَلَا عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ
وَالْعِبَادَةِ، فَلَا جَرَمَ بَطَلَ الْأَجْرُ، طَعَنَ
الْقَاضِي فِي هَذَا الْجَوَابِ فَقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ هَذَا
الانفاق قد صح، ولذلك قال: ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا وَكَلِمَةُ (ثُمَّ) لِلتَّرَاخِي،
وَمَا يَكُونُ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْإِنْفَاقِ مُوجِبٌ لِلثَّوَابِ، لِأَنَّ
شَرْطَ الْمُتَأَثِّرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَاصِلًا حَالَ حُصُولِ الْمُؤَثِّرِ
لَا بَعْدَهُ. أَجَابَ
أَصْحَابُنَا عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ:
أَنَّ ذِكْرَ الْمَنِّ وَالْأَذَى وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْإِنْفَاقِ،
إِلَّا أَنَّ هَذَا الذِّكْرَ الْمُتَأَخِّرَ يَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى أَنَّهُ
حِينَ أَنْفَقَ مَا كَانَ إِنْفَاقُهُ لِوَجْهِ اللَّهِ، بَلْ لِأَجْلِ
التَّرَفُّعِ عَلَى النَّاسِ وَطَلَبِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَمَتَى كَانَ
الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ إِنْفَاقُهُ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلثَّوَابِ وَالثَّانِي: هَبْ أَنَّ هذا الشرط
متأخر، ولكن لم يجوز أَنْ يُقَالَ: إِنَّ تَأْثِيرَ الْمُؤَثِّرِ يَتَوَقَّفُ
عَلَى أَنْ لَا يُوجَدَ بَعْدَهُ مَا يُضَادُّهُ عَلَى مَا هُوَ مَذْهَبُ
أَصْحَابِ الْمُوَافَاةِ، وَتَقْرِيرُهُ مَعْلُومٌ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:
الْآيَةُ دَلَّتْ أَنَّ الْمَنَّ وَالْأَذَى مِنَ الْكَبَائِرِ، حَيْثُ تَخْرُجُ
هَذِهِ الطَّاعَةُ الْعَظِيمَةُ بِسَبَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ أَنْ
تُفِيدَ ذَلِكَ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ. (مفاتيح
الغيب) فَالْمَقْصِدُ
الشَّرْعِيُّ أَنْ يَكُونَ إِنْفَاقُ الْمُنْفِقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
مُرَادًا بِهِ نَصْرُ الدِّينِ وَلَا حَظَّ لِلنَّفْسِ فِيهِ، فَذَلِكَ هُوَ
أَعْلَى دَرَجَاتِ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْمَوْعُودُ عَلَيْهِ بِهَذَا الْأَجْرِ
الْجَزِيلِ، وَدُونَ ذَلِكَ مَرَاتِبُ كَثِيرَةٌ تَتَفَاوَت أحوالها... وَأَشَارَ
أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنَ «الْإِحْيَاءِ»
إِلَى أَنَّ الْمَنَّ لَهُ أَصْلٌ وَمَغْرِسٌ وَهُوَ مِنْ أَحْوَالِ الْقَلْبِ وَصِفَاتِهِ، ثُمَّ
تَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى اللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ. وَمَنْبَعُ الْأَذَىأَمْرَانِ:
كَرَاهِيَةُ الْمُعْطِي
إِعْطَاءَ مَالَهُ وَشِدَّةُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَرُؤْيَتُهُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْفَقِيرِ، وَكِلَاهُمَا مَنْشَؤُهُ الْجَهْلُ
فَإِنَّ كَرَاهِيَةَ تَسْلِيمِ الْمَالِ حُمْقٌ لِأَنَّ مَنْ بَذَلَ الْمَالَ
لِطَلَبِ رِضَا اللَّهِ وَالثَّوَابِ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ
بَذْلِ الْمَالِ أَشَرَفُ مِمَّا بَذَلَهُ، وَظَنُّهُ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنَ
الْفَقِيرِ جَهْلٌ بِخَطَرِ الْغِنَى، أَيْ أَنَّ مَرَاتِبَ النَّاسِ بِمَا
تَتَفَاوَتُ بِهِ نُفُوسُهُمْ مِنَ التَّزْكِيَةِ لَا بِعَوَارِضِ الْغِنَى
وَالْفَقْرِ الَّتِي لَا تَنْشَأُ عَنْ دَرَجَاتِ الْكَمَالِ النَّفْسَانِيِّ.( التحرير
والتنوير)
[13]عبارة
ابن عطية كما في تفسيره:" ... وذلك أن المنفق في سبيل الله إنما يكون على أحد ثلاثة أوجه: إما
أن يريد وجه الله تعالى ويرجو ثوابه فهذا لا يرجو من المنفق عليه شَيْئًا،
وَلَا يَنْظُرُ مِنْ أَحْوَالِهِ فِي حَالٍ سوى أن يراعى استحقاقه." إما أن
يريد مِنَ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ جَزَاءً بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فهذا لم يرد وجه
الله، بل نظر إلى هذه الحال من المنفق عليه. وهذا هو الذي متى أخلف ظنه من بإنفاقه
وآذى. وإما أن ينفق مُضْطَرًّا دَافِعَ غُرْمٍ إِمَّا لِمَانَّةٍ لِلْمُنْفَقِ
عَلَيْهِ أو قرينة أخرى من اعتناء معتن ونحوه، فهذا قد نظر في حال ليست لوجه الله،
وهذا هو الذي متى توبع وجرح بوجه من وجوه الجرح آذى. فالمن والأذى يكشفان ممن ظهرا
منه أنه إنما كان على ما ذكرناه من المقاصد، وأنه لم يخلص لوجه الله تعالى. فلهذا
كان المن والأذى مبطلين للصدقة من حيث بين كل واحد منهما أنها لم تكن صدقة".(تحقيق : أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش- المكتبة الشاملة )
[17]أعلم
أن أعلى المراتب الأحسان مع الكلام الحسن، ثم الكلام الحسن من غير إعطاء،
وادناها الاعطاء مع الأذى، وهل له في هذه الحالة ثواب لقضاء حاجة السائل، ويعاقب
من جهة الأذية أو لا ثواب ولا عقاب، أو يعاقب فقط ولا ثواب لوجود الأذية، ويؤيده
ما يأتي في قوله: {لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ} الآية وعلى ذلك فيشكل
الأتيان باسم التفضيل، وأجيب بأن الخيرية بالنسبة للسائل لا للمسؤول. (حاشية
الصاوي)